Table of Contents
ماهي تقنية السماح بالرحيل، وماذا يعني أن تسمح برحيل المشاعر والأفكار والذكريات والمواقف والأحداث السلبية العالقة في حياتك؟
1. سيناريو يحدث لك
في يوم حار تقرر الذهاب مع أصدقائك في رحلة شواء على شاطئ البحر، تحضرون العدة، تضعون الحطب وتشعلون النار ووسط أنغام موسيقية صاخبة بدأت تتراقص مع أصدقائك وتطوفون حول النار وتصرخون كالهنود الحمر فرحا وسعادة بالعطلة…
فجأة شعرت بها قادمة من بعيد!، هذه لم تكن كسابقاتها، شيء مختلف تماما، لم تترك لك أي فرصة لتقول لا! لتغض البصرعنها، لتتظاهر أنك لم تراها، علمت أن المستوى عالي جدا ومنذ سنوات لم تقابل مثلها وأن المسافة بينكما شاسعة وقد لا تستطيع اللحاق بها… حتى وضع صديقك يده على كتفك يسألك ماذا هناك؟؟ لأنك تتصبب عرقا ووجهك أصبح محمرا، ودون أن تتفوه له بأي كلمة أشار بيده، وقبل أن تشكره بدأت في الركض بأقصى سرعتك وكلك شك أنك لن تستطيع فعلها، شعرت أن مئات الأمتار التي تفصلك عن وجهتك تتباعد كأنها سراب وبدأ كل شيء حولك يتلاشى كأنك في كابوس تطارد من وحوش بحثا عن بر الأمان، لكنك كنت صبورا جدا وقوة تحملك عالية جدا…
فتضرب الباب بقوة وتتذكر أن الطبيب نصحك بعدم أكل الحار لكنك لم تسمع نصيحته وكانت نتيجته إسهال حاد كاد يودي بصورتك أمام أصدقائك لتبقى ساعة في الحمام فتتنفس القدر الصعداء وتحس بشعور لا مثيل له بعدها وتقوم بالسماح بالرحيل للضغط الذي بطنك …
لا شيء يضاهي ذلك الشعور، شعور الاخراج بعد مدة من الكبت أو خاصة في الحالات الحرجة التي لا تستطيع فيها الامساك أظن لهذا السبب سمي ” بيت الراحة” أو المثل الشعبي المصري “هو دخولالحمام زي خروجوا” …لو تسأل
الملوك تكون لهم نفس الإجابة، ارتبطت المتعةلدى الانسان بالاخراج فأقصى درجات المتعة لدى الرجل القذف وهزة الجماع لدى المرأة ليصل فيها الزوجين لأقصى درجات التعبير عن الحب الذي لا تصفه الكلمات …
2. المشاعر المكبوتة
إذا كان الإخراج أفضل تعبير للمتعة بين الزوجين للحب فماذا عن بقية المشاعر التي نكبتها؟؟إذا كان مسك الفضلات يؤدي إلى تراكم السموم داخل جسمكوهو ما يفسر ردة فعل جسمك الطبيعية التي ترغمك على إخراجه ماذا عن الكبت المستمرللمشاعر السامة السلبية التي تكبتها وتضغطها داخلك كيف سيعبر جسمك لاخراجها ؟؟
إنّ كل ما تركنه جانبا! كل ما تتجاهله وتضغطه وتكتمهمما يزعجك، يقلقك، يغضبك، يحزنك، يؤلمك، يخيفك، يفرحك…سيتراكم داخلك ليمتلئ خزانمشاعرك ولا تجد المشاعر المكبوتة مكانا لتركن إليه لينفجر الخزان وتخرج المشاعر فيشكل نوبات ذعر وهلع أو اكتئاب حاد أو نوبات غضب شديدة أو قلق مزمن يشلك وتفقدالسيطرة تماما بعدها على ما تفكر وتشعر به …
أظنك تربيت أنّ بكاءك ضعف، وتعبيرك عن خوفك جبن، وتعبيرك عن حزنك واكتئابك تذمر، وعن غضبك وحشية، وعن حبك ورغبتك عار وعيب…لهذا صرنا نضع أقنعة لوجوه مبتسمة تظهر فيها أسناننا لامعة وعينين عسليتين وجفون مغمضة قليلا وردود آلية لأسئلة يومية “كيف حالك ؟؟ بخير…” لنخفي خلف هذه الماسكات وجوها عابسة مليئة بالجروح والكدمات والندوب، لقد تربينا أن نصبح آلات وحواسيب ما يجب أن يقال وما يجب أن يفعل وفي طريقنا لإرضاء الاخرين نكبت على أنفسنا ونضغط عليها ونذلها ونكذب على أنفسنا وعلى الآخرين محاولين إظهار صور كاذبة وخادعة كي لا نخالف الصورة النمطية التي يرسمها المجتمع لتوافق أنظمته ومعتقداته ومفاهيمه…
يقول البروفيسور براد بلانتن صاحب الكتاب الشهير “Radical Honesty” أو “جذور الصدق”
وقد عبر هذا البروفيسور الخبير في القلق أن السبيل الوحيد للتحرر من القلق والاكتئاب والتفكير المزمن والخروج من سجن الذهن والأفكار هو أن يوافق ما مررنا به وما نشعر ونفكر به الواقع منأقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا برأيه هذا السبيل الوحيد للعلاج والصحة النفسية التييعالج بها مرضاه …
دعني أسألك صديقي كم مرة كبتت كم أنت مستاء ومنزعج وغاضب وكذبت لتخبر الآخرين أنك بخير؟؟! كم مرة مسحت دموعك وحاولت التظاهر أنك بخير وقوي كي لا يقولوا عنك ضعيف؟؟ كم مرة كتمت حبك لشخص وتظاهرت بعدم إعجابك كي لا تظهر حبك خوفا من ردة فعله لتخسره؟؟ كم مرة أخفيت احتقانك وكرهك لشخص كي لا تظهر حقدك؟؟ كم مرة أخفيت ما فعلته خوفا من ردة فعل أحدهم وكذبت لتخرج من الأزمة؟؟ كم مرة أخفيت فرحة نجاحك خوفا من الحسد؟؟ كم مرة احتفظت بامتنانك وشكرك لشخص لك فقط؟؟ كم مرة كذبت يا صديقي … إذا أردت اجابتي على كل هذه الاسئلة فهي ” نعم كثيرا لقد كذبت كثيرا … ولا زلت لم أتعلم الصدق بعد”…
كما سيحدث لك عندما تذهب للحمام بسبب الاسهال سيحدث لك عندما تبدأ في التعبير عما تشعر به بصدق وتستعمل السماح بالرحيل، عندما تبدأ بإخراج كل الهراء المكبوت داخلك، عندما تبدأ في التعبير عن نفسك من دون خوف، عندما تصبح أصلي ونسختك الأصلية عندما تتحلى بالثقة والشجاعة الأصلية أن تخبر ما يزعجك ويحزنك ويفرحك ويغضبك ويخيفك ويؤذيك ويؤلمك ويصيبك باكتئاب ويثر استياءك حينها ستتحرر لتصبح أنت وتتدفق كل المشاعر المضغوطة لتسير دون عرقلة في تناغم داخلك وتشعر بالانسجام بعدها والتوافق بين الواقع وما تشعر به وتعود لعيش اللحظة …
يمكنك التعبير عما تشعر بطرق غير مباشرة من خلال الهوايات، الموسيقى والرسم والرقص والرياضة بأنواعها والكتابة والمطالعة لكن مفعولها لن يكون كالطريقة المباشرة التي تسمح الخروج المباشر للمشاعر وتنظيمها وتصفيتها وتنقيتها …
بما أننا وصلنا للجزء العمل من السلسلة اريدك أن تبدأ التطبيق لتشعر بتحسن…
3. السماح بالرحيل
ابدأ بالاشخاص الذين تحبهم وتمتن لهم عبر لهم عن مدى حبك وامتنانك لوجودهم في حياتك أخبرهم عن المواقف العديدة التي مررت بها معهم ولم تستطع التعبير عن امتنانك وحبك لهم، اعترف لمن تحبها أو تحبينه بحبك لا تخف من الرفض فأن يرفض أفضل من كبتك لهذه المشاعر لسنوات والتي تسبب ألم شديد…
تحل بالشجاعة لتخبر من تحمل لهم مشاعر ضغينة وحقد لتفتح حوار معهم بأدب وتخبرهم بما يزعجك وأخبرهم بالمواقف التي سببت لك الألم وحاول ان تجدوا حلولا،هذه هي الشجاعة الحقيقة أن يكون باطنك كظاهرك …
ثق في نفسك وجربها، تحل بالشجاعة ولن تندم، ستعمل معك كالسحر كما عملت معي ومع غيري …
قم بالسماح بالرحيل لمشاعرك السلبية وعلاقاتك السامة والأشخاص السامين في حياتك
في الأخير سأخبركم كم أنا شجاع وامتناني لكل من دعمني… أحبكم…