من منا لا يعرف “الزعيم” عادل إمام النجم السينمائي المصري الذي حقق نقلة نوعية في الفن والتمثيل في العالم العربي ككل، تميز عادل إمام في السينما حيث شارك في أكثر من مئة فيلم من بطولته ولمعت موهبته ووصل للنجومية من خلال المسرح ومسرحياته الخمس الشهيرة التي احتلت المراتب الأولى في سنوات عرضها وحققت إيرادات كبيرة ونجاح عظيم حيث مثل دور البطولة في مدرسة المشاغبين، شاهد مشفش حاجة، الواد سيد الشغال، الزعيم، وأخيرا المسرحية التي لم يتم عرضها بعد على شاشات التلفزيون “والتي أنتظرها بفارغ الصبر” بودي غارد، تحمل أغلب أعماله رسائل سياسية واجتماعية وانسانية دفينة يطرحها بطريقة كوميدية
“الزعيم” هذا اللقب الذي أطلق عليه كونه يتربع على عرش الكوميديا في الفن العربي دون منازع، يتميز عادل إمام أثناء تمثيله بلمسته الخاصة وبطريقته في عرض الفكاهة بشكل استثنائي وفريد ومميز، والطابع الذي لو رأيته في أي شخص تقول هذه أخذتها من عادل إمام…. رجح بعض النقاد أن السر في عبقريته وإبداعه أنه لا يتقيد بالدور بل يضفي عليه وعلى السيناريو جزء من شخصيته وفي كثير من مسرحياته يخرح عن السيناريو ويترجل ما يجعل الجمهور في ضحك هستيري من ابداعه وخروجه على المألوف وكونه يملك الشجاعة للترجل يجعله يملك حرية أكبر للإبداع وتقديم الجديد وساهم ذلك في تفوقه على كل منافسيه وجعله يصبح من أعظم الممثلين والكوميديين حتى على المستوى العالمي
يستيقظ عادل إمام كل يوم محاطا بعائلته وأهله يذهب لعمله ويعيش مع أبنائه وإخوته ووالديه وزوجته وأصدقائه وزملائه وقد حقق نجاح مبهر على المستوى المهني لكن ماذا عن نجاحه العائلي والصحي والنفسي؟؟ لا نعلم
لقد برع عادل إمام في المسرح والتمثيل مع زملائه الممثلين في تصوير الحياة على المسرح لكن ماذا عن ادوارهم في الحياة الحقيقية؟!! ماذا عن دوره في الحياة ك”عادل إمام” ألا يبدو هذا أيضا دورا في مسرحية كبيرة يلعب فيها دور نجم سينمائي مسرحي بين أسرته وعائلته ومجتمعه؟!! مسرحية ضخمة يتشارك فيها الجميع ويمثل فيها الجميع أدوار متعددة فمالذي جعل الكاتب العالمي البريطاني الشهير وليام شكسبير يقول “العالم مسرحية كبيرة”؟
لقد كان همك الوحيد يا صديقي عندما كنت طفلا أن تكتشف العالم من حولك كان لديك فضول شديد لمعرفة كل شيء وأسئلة لا تنتهي، كانت عينك تلمع وتشتعل حماسا كلما رأيت شيء جديد وكلما تعلمت مهارة جديدة وكنت تمارس كل هذا عن طريق شغفك في اللعب لقد كنت فيلسوفا وعالما ومكتشفا ومخترعا وباحثا ورياضيا، راودتك اسئلة كثيرة وجهتها لوالديك ومجتمعك من أنا؟ من أين أتيت؟ من هؤﻻء؟ ما مصيري؟!! ماهذا؟! من وماذا ومتى وكيف ولماذا؟!!! ملايين الأسئلة كانت تراودك تستيقظ كل صباح بشغف وحماس وانطلاق كي تجيب عنها، حتى أخبروك أن اسمك فلان ولقبك ابن علان وقد اتيت لكذا ومصيرك ذاك وغايتك في الحياة هكذا ودخلت في المسرحية التي حددوا لك فيها الأدوار مسبقا فبدأت تلعب دور الابن المطيع والتلميذ الناجح و الأب المسؤول والأم الحنونة والفتاة المتخلقة وابن العم الحقود والصديق الوفي والعدو اللدود وتنوعت أدوارك بين الخير والشر، تتأرجح داخل محكمة آراء الناس بين انسان صالح أم طالح، ولأن كل شيء حدث بالتدريج وخارج عن قدرتك وإرادتك دخلت لمسرح الدمى الذي يتم التحكم به عن خيوط تمسكه أيادي خارجية وكانت هذه الأيادي هي المجتمع الذي تعيش فيه ومبادئه السياسات التي تتبعها دولتك والقرارات التي تتخذها شركات الاقتصاد والدروس التي تعلمتها في المدرسة، والمحزن من كل هذا كان نسيانك أنك في مسرحية أصبحت تعيش دور الأم والأب والابن والتلميذ و… بل وغلوت في الدور وجعلته هويتك الحقيقية ونسيت ذلك الطفل الذي أراد بلهفة أن يعرف من هو حقا، الذي كان حرا طليقا غير مقيد بأي أدوار كان مجرد مشاهد لمسرحية الحياة
فهل يستطيع عادل إمام أن لا يتقيد بالسيناريو في مسرحية الحياة ويبدع لمعرفة الحقيقة والسر أم انه كباقي الممثلين يؤدي الدور فقط؟
Comments 1