Table of Contents
ماهي الأسبالب التي تمنعك من الحصول على شريك الحياة؟؟ ماهي الصورة التي تشوّه لك الواقع وتمنعك من معرفة الشخص الذي يناسبك؟
1. الفيلم الهندي الذي تعيشه
استطاعت السينما الهندية أن تحقق مكانة لا بأس بها على مستوى العالم للترويج لأفلامها ومسلسلاتها وتعاقدها مع شركات عالمية، وقد اشتهرت في بدايات رواجها وخاصة الآكشن منها بمشاهد تصعق العقل لخروجها عن المنطق والمألوف لدرجة مبالغ فيها مشاهد يصعب على المتابع أن يحدد طبيعة مشاعره فيها أن يضحك أم يبكي أم يغضب أم يغيّر القناة لدرجة استهزائهم بعقله…
شدني يوما مشهد في اليوتوب من فيلم هندي عن شاب مصاب بغيبوبة في المستشفى، اختطفت عصابة عائلته وقاموا بربطهم على أعمدة في مستودع، حمل أحد أفراد العصابة البندقية وأطلق النار على أحد أفراد العائلة وبدأت الرصاصة تتحرك ببطء، فصرخت الفتاة باسم حبيبها والرصاصة تتحرك، انطلق صوت الفتاة ليصل للمستشفى ويسمعه الشاب ويستيقظ من غيبوبته وسط ذهول من الأطباء فيقفز من الفراش مع كل الجروح التي في جسمه ويقوم بعمل حركات ضغط والرصاصة مازالت تتحرك!، ثم خرج من المستشفى وركب “التكتك” حتى وصل لمفترق طرق سرق أحد الآلات الثقيلة ذات العجلات الحديدية التي تستعمل في تسوية الطرقات والتي سرعتها لا تزيد عن 20كم في الساعة والرصاصة لم تصل بعد!، فحطم بها باب المستودع وقفز من الآلة وسط فرحة أهله ووقف في مواجهة الرصاصة قبل أن تصل لحبيبته فتتوقف الرصاصة عند رأسه وتغير مسارها 180 درجة لتعود للذي أطلقها وتصيب أحد مخازن البنزين فتنفجر ويطير كل أفراد العصابة في الهواء!… نعم ياصديقي إنهاالسينماالهندية …
2. صورة شريك الحياة المشوّهة
لقد تعودنا على سيناريوهات مثل هذه في كل أنواع السينما أين يمتلك الحبيب قوة وغضب شديد للانتقام لحبيبته وشريك الحياة التي تتعرض للاختطاف أو يتم الاعتداء عليها أو تعرضه التهديد، تسلط الكاميرا على المشاعر الجياشة التي يكنها الحبيبين لبعضهما والمشاكل والعراقيل العائلية والمالية والتقاليد والأعراف وينتهي الفيلم أو المسلسل في الغالب بالزواج الذي يعتبر النهاية السعيدة لكل العلاقات والعبارة الشهيرة “وعاشوا جميعا سعداء الى الأبد”
لكن يحدث دائما أن يكذّب الواقع كل مشاهد السينما والمشاعر تلك… فإذا أسقطنا من حيث الشعور المشهد الهندي على الواقع ويتعرض أحدهم لإطلاق النار اول ما سيقوم به انه سينبطح أرضا ويقوم بتغطية رأسه وينسى حتى من يكون في تلك اللحظة فكيف بزوجته أو حتى قد يعتبر زوجته كدرع تحميه من الرصاص “لا تخبرو زوجتي في المستقبل بهذا”…
فتلك الفوهة بين ما تروّج له السينما والأغاني والروايات وقصص الحب الشهيرة روميو وجولييت، عنتر وعبلة، قيس وليلى، كليوباترا وأنطونيو، أين يصاب أحد المحبين بالجنون وانتحار أحدهما عند موت الآخر والحرب الطاحنة التي يعيشها كلاهما لأجل أن يجتمعا والنهاية السعيدة في قصة سندريلا وأغلب المسلسلات بزواجهما… وبين الواقع الذي نعيشه أين يقترن الحب والمشاعر الجياشة بالشك والغيرة وحتى الكره والحقد تجعلنا نتساءل هل فعلا حقيقة الحب هو الذي تروج له الأفلام الرومنسية؟؟ مالحب؟؟ هل الدافع الذي يجعل أحد العاشقين لقتل نفسه من اجل معشوقه هو الحب أم أنه بعيد تماما عنه وقد تم تحميل الحب به وتسميته بمسميات لا تمت له بصلة؟؟ أم أنه يجب أن تتخذ حبيبك كدرع من الرصاص ؟؟!…
حين ولدت يا صديق كنت مجرد كاميرا، أداة للتسجيل فقط أين كونت معظم مفاهيمك ونظرتك للعالم والحياة، لقد كنت صفحة بيضاء يكتب عليها أهلك ومجتمعك ما يشاؤون فأصبحت تقاليدهم وعاداتهم ومفاهيمهم نظارات تضعها للرؤية، لقد كنت تراقب الطريقة التي يتعامل بها والديك والتي يعاملونك بها كنت ترى لحظات الفرح والسعادة ولحظات الألم والحزن والكآبة والكراهية وتعايشها معهم حتى ألفتها وصارت جزءا منك ومن شخصيتك وخرجت بها للعالم فاصطدمت بالشارع والميديا والإعلام وصرت تبحث من خلالها على معنى لحياتك وعلى الحب الذي لم تتلقاه في طفولتك.
يقول الفيلسوف إلين دي بروتون
من دون وعي منك قد كنت تبحث عن شخص مر بنفس تجاربك بنفس مشاعر الألم والعنف والحقد والهجر الذي تعرضت له، شخص تشعر أنّه يفهم لغتك يفهم كل المعاناة التي مررت بها فتنجذب له ويأتي دور الرومانسية الآن، لقد صرت فجأة روميو وعنتر وقيس وأنطونيو ورجل المشهد الهندي الذي أخبرتك عنه، مدفوعا بكل تلك المشاعر القوية التي تحرقك وتشعل نار الشوق والرغبة والغريزة داخلك، تأخذ لأعالي السماء فتقول في نفسك هذا هو الحب لقد كان شكسبير محقا وكان عنتر وقيس على حق ها أنت تعيش الحب الذي أردته منذ الطفولة وها هو كل ذلك الألم والحزن والهجر يختفي من حياتك فتحارب من أجل حبيبك وتضحي بكل ما لديك من أجله لكن ما تلبث أن تنطفئ تلك الشعلة ويعود الألم تدريجيا وينتهي مفعول تخدير الحب ويتحول حبيبك تدريجيا من ملاك إلى شيطان في نظرك فتتساءل أين الحب ؟؟؟ أين كل تلك المشاهد الرومانسية؟؟ لماذا اختفى كل هذا؟؟ من المفترض أن يدوم الحب للأبد؟؟ فتبدأ في الضغط على نفسك لكي تعيد تلك الصورة، الصورة التي تروجها الميديا والقصص والروايات ذلك الحب الذي تبقى شرارته إلى الأبد…
3. الاصطدام بالواقع
ستكتشف بعد مرور زمن من العلاقة أن العبارة الأخيرة في كل المسلسلات والقصص “وعاشوا جميعا سعداء إلى الأبد” كانت مجرد وهم وأن التحديات الحقيقية في الحب لم تكن قبل الزواج أين كانت المشاعر على أشدها بل كانت بعد الزواج بعد أن تختفي كل تلك الشرارة، بعد أن كانت الشهوة هي الغالب كانت الغريزة هي التي تدفعك، تنطفئ الشعلة تدريجيا ويحل الظلام داخلك من جديد ويظهر كل منكما على حقيقته ويرى شريك الحياة كما هو دون أي مشاعر كانت تزيف له وتخفي عنه الحقائق يبدأ كل منكما في التساؤل هل هذا هو فعلا من كنت أبحث عنه؟؟ توأم روحي؟!!! أين كانت كل هذه العصبية والغيرة والحقد والمشاحنة والمعاناة عندما عرفته لأوّل مرة؟؟!! أين هي تلك السعادة التي شعرت بها عندما كنا نكافح لنجتمع؟؟ هل كان يخدعني طوال هذه السنوات؟!!!
ولأنّه تم برمجتك من الميديا عن الحب الرومانسي وعن الكيفية التي يجب أن تكون عليه العلاقة حيث يبقى الحب والسعادة للأبد ويقترن الحب والشهوة الجنسية والرغبة مع بعض والتفاهم والانسجام وسيرورة الحياة المطمئنة مادام هذا الشخص بجانبك… سترفض هذا الواقع بشدة وتتهم شريك الحياة بأنه خان الوعد أن يجعلك سعيدا وأن يحقق لك الصورة التي أردتها والتي لطالما حلمت بها من قصص الروايات ويتهمك أيضا أنّك لم تكن من بحث عنه وأنّه كان معميا عن حقيقتك وتتدهور العلاقة وتتحول إلى جحيم من الصراع والخلاف والمشاحنة والجدال …
إنّ أغلب مشاكل العلاقات وسبب انفصالها هو الصورة الخاطئة التي تم ترويجها لنا عن الحب وعدم موافقتها للواقع، نحن لم نعرف منذ البداية ماذا يعني أن تكون في علاقة صحية لم يتم تعليمنا أسس ومبادئ المعاملة السليمة والطريقة التي تسير بها مشاعرنا فأول ما فتحنا أعيننا على العالم وبدأت شخصياتنا بالاستقلال أخذنا مفاهيم عن قصص لا تمت للواقع بصلة، قصص نسجها الكتّاب كي توافق عوالم حرموا منها، عوالم أرادوا بشدة أن يعيشوها لكن لم يستطيعوا الوصول إليها…
ماذا عنك يا صديقي كيف ترى الحب؟؟ وهل استطعت أن تجد ما كنت تبحث عنه في شريك الحياة؟؟ وهل بقي شغفك به بعد الزواج، هذا إذا نجحت علاقتكم؟؟
مرحبا فعلا هذا ما يحدث في الواقع مازلت لم التقي بشريكي ومازلت في البحث عن مشاعر الحب ، بلقيس