سيناريو الحلم
تخيل معي أنه تم وضعك في مقصورة نوم ويمكنك فيها أن تكون سيد أحلامك، أن تختار ما تريد أن تراه أو تعيشه فتدخل في حلم وتصبح أنت ملك هذا العالم وتحقق
الأمن والسلام والسعادة وتكون لك قوى خارقة و تستطيع الطيران ورفع آلاف الأطنان وكل شيء في العالم تحت سيطرتك، وبعد أن تنهي ثمانين سنة وتستمتع جيدا وتحقق كل ما تريده وتكتفي، تقرر بعدها أن تغير في معطيات وقوانين الحلم وتضيف عليه تحديات بحيث تدخل في عالم لا تعرف فيه من تكون ومن أين أتيت ولا تعرف ما سيحصل لك وسيكون عليك أن تتأقلم وتعيش وتبحث عن السر وراء هذا الحلم، لتجد أنك استيقظت في مقصورة ولا تدرك مالذي يحصل حولك وأمامك أشخاص وأضواء وإحساس غريب أنك داخل شيء مغلق ويتحرك فتعرف في ما بعد أن هذا الشيء هو جسمك وأن أولئك الأشخاص هم والديك الغاليين وأنك استيقظت في جزائرنا العزيزة ياله من تحد
الأحلام
تشكل الأحلام جزء كبير من حياتنا، نحن نقضي أكثر من ثلث أعمارنا نائمين، وقد حاول الفلاسفة والمفكرين وحتى علماء الأعصاب معرفة كيف نحلم؟؟ ولماذا نحلم؟!! لكن ورغم تطور التكنولوجيا والتصوير الدقيق للدماغ للأجزاء التي تنشط أثناء النوم والحلم بقيت هذه العملية لغز كبير وطرحت تساؤلات حول ماهية الحلم وأين نذهب داخله وكيف نستيقظ ومن يرى الحلم؟!!! ولان تجربة الحلم تكون واقعية لدرجة أننا أحيانا لا نعرف أننا نحلم إلا عندما نستيقظ يجعلنا نتساءل مالذي يمنع أننا الآن في حلم؟!! مالذي يمنع أن هذه الحياة هي حلم كبير وأنك الآن تقرأ وأنت تحلم؟
هل نحن نعيش في حلم؟
قد تبدو لك هذه الأسئلة ضربا من فلسفة لا طائل منها لكن دعني أثبت لك أنها تحمل وراءها عمقا يجعلك تعيد النظر تماما في ما تعتقده عن ماهية الواقع وما ندرك
ونعرفه عنه
ستنتفض الآن ويخطر في بالك مباشرة أن الواقع يبدو صلب ومنتظم ومادي والصورة فيه واضحة… فأجيبك أن الحلم أيضا يكون ثلاثي الأبعاد أنت تغوص فيه لدرجة أنك لا تدرك أنك تحلم وترى التفاصيل فيه والفرق الوحيد أنها تختفي عندما تستيقظ. تقول لي أنك تشعر هنا بالسعادة والفرح والحزن وتتفاعل مع الناس وتتأثر بهم وأن تصرفاتك لها نتائج هذا ما يجعلك تشعر أنك واقعي جدا لكن في الحلم أيضا تحب وتبغض وتخاف ويخفق قلبك فيها بقوة ويتعرق جسمك وتتأثر أعضاؤك وكأنك في الواقع
تفكر قليلا يبدو أنك لم تنتبه لهذا من قبل، حتى تجد الحل الذي ستبهرني به وهو: لكننا أحيانا نحلم بأشياء غير منطقية أحيانا تحلم أنك تطير أو تملك قوة خارقة أو حتى ترى كائنات غريبة أو تكون عملاق كبير أو صغير جدا بحجم نملة
وقد أبهرتني بهذا لكن دعنا نحلل هذا الدليل، يخضع الواقع الذي نعيشه لعدة قوانين فيزيائية وبيولوجية تسيره وإدراكنا لها يجعلنا نتنبأ بما سيحصل، لكن تذكر المقصورة التي دخلت فيها أول مرة وكنت تختار ما تريده وإرادتك هذه أصبحت هي قوانين الحلم الجديد أما أثناء نومك فأنت تدخل في قوانين تخص هذا العالم الجديد وهي قوانين مستقلة ومنفصلة عن هذا الواقع وكي اقرب لك الصورة أكثر الأمر أشبه أنك تحكي قصة صعودك للفضاء وقوانينه بانعدام الهواء والجاذبية لشخص في القرن الثامن عشر…
تخطر في بالك أدلة أخرى منها: نعرف بأننا نحلم عندما نستيقظ في الواقع، كما أن الأحلام هي التي تتحكم فيما نراه ونحن لسنا أحرار في الحلم كما في الواقع بحيث نكون مقيدين ومجبورين على رؤية كوابيس والتحرك لجهات لا نريدها، وكذلك نحن نقضي ساعات فقط في الحلم بينما في الواقع نعيش عشرات السنوات، وعندما نستيقظ من الحلم أو النوم نجد أنفسنا في هذا الواقع وهذا دليل أننا يقظين الآن
…
يبدو كلامك منطقيا جدا فهذا الواقع يبدو من النظام والثبات والصلابة والتناغم ما يجعلنا نصدق أننا حقيقيين وواقعيين لكن الحلم أيضا يبدو واقعي جدا ولن تعرف أنك تحلم حتى تستيقظ منه وإذا كنت محظوظ ومن القلة الذين يستطيعون أن يتحكموا في أحلامهم أو ما يسمى ب”lucid dreaming” وهم أناس يستطيعون أثناء النوم معرفة أنهم في حلم ويستطيعون التحكم في كل تفاصيله وبكل حرية أما إذا كنت مثلي وتعيش تفاصيل حلمك وكأنك لم تعش قبله وتنسى حتى بأنك نائم بل تتحرك وتتكلم وتهلوس ويخبرك فقط أفراد عائلتك أو أصدقائك بالكوارث التي قمت بها ليلا وأنت نائم فهذا يجعلك تتيقن أننا واقعنا مجرد وهم.
أما بخصوص الساعات القليلة أثناء النوم مقارنة بالعقود التي نعيشها فهذا أمر نسبي وستصبح العقود التي نعيشها ساعات أو ثوان عندما نستيقظ… وسؤال متى سندرك بأننا واقعنا هذا حلم سيكون عندما تستيقظ وتستيقظ عندما تموت ومالذي يجعلك تؤمن أنك ستستيقظ بعد الموت؟؟
إجابتك على هذا تعتمد على إجابتك لسؤال مالذي يجعلك تعتقد أنك الآن حي؟؟