Table of Contents
هل تساءلت يوما لماذا يوجد جنسين الذكر والأنثى فقط؟ لمذا لم يوجد جنس ثالث؟ أو لماذا لم نصبح نتكاثر من نسخ أنفسنا فقط كما تفعل بعض الكائنات؟
1. أنت تحب الحياة
ألم يخبرك أحد من قبل أنك تحب الحياة كثيرا ؟؟وأنّك الفائز الأكبر بجائزة الحياة… لا أصدق أنّك نسيت!! كيف تنسى أعظم انجاز حققته؟؟ آلاف الأميال التي قطعتها لهفة ورغبة وطمعا في الحياة…
يوما ما كنت مجرد دودة مهمشة داخل وعاء صغير وكانت تأتيك أقاويل من معاشر الدود الأكبر منك عن كرة الكعك اللذيذة والنادرة التي ستحظى بها الدودة الأكثر حظا بينكم ورأيت شغف الجميع بهذه الكعكة فتحمست كثيرا لأكلها لكنك علمت أنّ فرصتك في نيلها معدومة وأنّها مهمة مستحيلة مع طول الطريق والعدد الهائل الذي سيشارك.
تساءلت عن موعد السباق لكنّهم أخبروك أنّه يجب أن تكون على أهبة الاستعداد في أي لحظة فلا يوجد موعد محدد، وكحالك البئيس اليوم نمت كأنّ شيئا لا يعنيك …
اهتزاز عنيف يصدم رأسك تستيقظ مفجوعا وتتساءل مالذي يحدث فتجد الجميع في حالة فوضى وتسمع أحدهم ينادي” انطلااااق “فتبدأ في الزحف وأنت لا تعلم مالذي ستواجهه في الطريق وما مصيرك حتى تتذكر الكعكة الكروية وطعمها فتشعر بالحماس لنيلها وتقرر خوض السباق…
يتسع الطريق فجأة وتقذف بعيدا داخل كهف متحرك فتتفاجأ في المشهد الدرامي الملحمي مئات ملايين الدود أمامك منها من قطّعت منها من احترقت من السائل الذي يغرقكم ومنها من يزحف باحثا عن الكعكة ومع طول الطريق المظلم قررت قطع آلاف الأميال مادام لا يمكنك العودة …
ومع ضغط الملايين من الدود الذي يدفعك معه والمجهود الجبار وآلاف الكيلومترات والمستنقعات الحمضية التي تحرق كل من يلامسها والرمال المتحركة التي تبتلعكم تجد نفسك أمام كرة عملاقة من الكعك إنّها هي، أمامك الآن يتهاتف الآلاف نحوها، تعلم أنّ مهمتك صعبة بل حتى مستحيلة واحد فقط من يمكنه الدخول إليها وتذوقها، واحد فقط من ملايير الفرص الآن وقبلك يمكنه الفوز بها، فتندفع بكل قوتك نحوها بحثا عن الباب السري، الجميع يبحث ويترقب، الجميع يصرخ، فجأة يفتح لك الباب! لا تصدق ما تراه! تبكي من شدة الفرحة، تدخل ويغلق الباب خلفك لتبدأ رحلتك في الحياة، وتصبح النطفة والبويضة خلية واحدة، تنقسم ملايين المرات لتكوّن أعضاءك ويكتمل جسمك وتخرج للحياة بعد قضاء أشهر في بطن أمك…
2. البحث عن النسخة التي تكملك
ومع بلوغك تبدأ التذمر والندم من متطلبات الحياة ويمتلئ مخزون الدوبامين والهرمونات الجنسية داخلك فتجد رغبة شديدة للبحث عن شريك الحياة، البحث عن الجنس الآخر لتحقيق التكامل وتحقيق أقدس شيء “اعطاءالحياة” …
وفي سعيك للبحث وتكوين أسرة تصطدم بواقع مرير وصعب من الشروط التي عليك تحقيقها والعادات التي يجب مراعاتها وتقاليد لأناس أغبياء ماتوا منذ قرون مازالوا يفرضون سيطرتهم عليك وتشعر أنّ الحياة تعاكسك كي لا تهب الحياة، ومع كل العادات الغبية تجد نفسك في ضغط شديد للبحث عن الشريك المناسب وتحقق التوافق معه …
لكن هل تساءلت يوما كيف أصبحنا من جنسين ذكر وأنثى ألم يكن أسهل لو أصبحنا نتكاثر كالخلية ننقسم من ذواتنا ونعطي حياة جديدة ؟؟ وما لغاية من جنسين فقط لماذا لم نصبح ثلاث أو أكثر؟؟!!! اعلم أنّك لا تتساءل…
3. كيف أصبحنا جنسين من ذكر وأنثى؟
منذ أكثر من 3.8 مليار سنة بزغ أول ظهور للحياة على سطح الأرض، كائن فائق الصغر خلية أولى تتغذى على أول اكسيد الكربون وبعض العناصر الكيميائية من خلال تفاعلات كيميائية، ومع توفر الغذاء بدأت هذه الخلية البكتيرية البدائية في الانقسام والتكاثر، وبعد مئات ملايين السنين تطورت لتعطي خلايا تتغذى على كائنات حية أخرى وتقوم بوظائف متطورة وتتكاثر بسرعة من خلال الانقسام لتعطي الخلية الواحدة خليتين، ويبدو أنّ الخلايا وقتها كي تعطي الحياة لم تكن في حاجة أن تحتار من الشخص المناسب أو أن تبحث عن طيّار “بيلوت” أو يبحث عن شعر أصفر طويل وناعم وعيون خضراء ولم تكن في حاجة للعمل لسنوات كي تحقق غاية بكتيريا توفيت من ملايين السنين ولم تقل لها الخلية الأم ماذا ستقول عنّا الخلايا الأخرى أو الخلية ابنة عمك انقسمت داخل حفرة من ذهب…
وكان توفر الغذاء هو العامل الوحيد للتكاثر لكن مع الظروف القاسية التي تواجهها من مناخ واحتمال حدوث الطفرات القاتلة ورغبتها في البقاء، قررت الخلية أن تضمن استمرار حياتها من خلال نظام جديد للتكاثر بحيث إذا حدثت طفرة أو مرض لن تصيب كل النوع، وأصبح الشرط الجديد للتكاثر أن تندمج خليتين مع بعضهما لكي تعطي خلية جديدة، وتمايزت هذه الخلايا وتخلّت أحدهما عن الميتوكندري ليخرج في النهاية الذكر والانثى المعطي للمورثة والمستقبل للمورثة ….
يصف بعض علماء البيولوجيا الجنس “تلاقح الذكر والأنثى” بالغبي بسبب الشروط التي يتطلّبها لبقاء النوع من البحث عن الشريك وانتظار عملية الاباضة والموسم المناسب للتزاوج عند الحيوانات… بينما بعض الكائنات الأحادية الخلية مثل “الأميبا” تتكاثر فقط بالانقسام لتعطي خليتين بنتين… ويشبه العلماء “الجنس للتكاثر” كأنّك اشتريت نسختين من نفس الكتاب ومزقت كليهما في منتصف الكتاب وركبت النصف الأوّل مع الثاني لتخرج في النهاية بنفس الكتاب وهذا ما يحدث مع النطفة والبويضة بحيث يحمل كلاهما نصف المعلومات أو الصفحات الجينية وعند اندماجهما يكتمل الكتاب الجيني أو ما يسمى بالدنا …
لقد ظهرت الحياة على الأرض من أول خلية لكن هذه الخلية لم تكن تعرف طعم الموت بل كان انقسامها يعطي خليتين مشابهتين تماما للأولى وكأنّها تنسخ نفسها، وكانت الحياة تنتقل عبر هذه العملية لكن منذ ظهور التكاثر عن طريق معطي ومستقبل أي من خلال الجنس ظهر الموت وكأنّ غايتك أن تصل لسن معين للبلوغ وتعطي الحياة ثم لا حاجة للطبيعة بك، لهذا نهرم ونموت أو كما قال مصطفى محمود في كتابه لغز الحياة “الموت ضريبة الجنس”
تطورت الكائنات بعدها ليخرج جنسين من كل نوع ذكر وأنثى ويكون اختلاف بين الجنسين من حيث البنية والأعضاء التناسلية لتسمح لكليهما بالتأقلم والتكاثر واستمرار النوع وظهر أول انسان الهوموسابيان قبل 200 ألف عام وأصبح همه الوحيد التكاثر والبحث عن الغذاء والتنافس مع باق الكائنات الشرسة للبقاء، وتولى الرجل مهمة الصيد لبنيته الجسمية القوية التي تساعده على الجري والتحمل ورفع الأثقال وتكفلت المرأة بالحمل والاعتناء بالأبناء وتغذيتهم …
وتطوّر دور كل من المرأة والرجل مع تطور الانسان وبناء الحضارات وحدثت تغييرات في الأدوار وفي العلاقة بينهما وبناء الهرم الأسري والعائلي…
فما مراحل هذا التطور؟؟ وماهي العوامل تدخلت في تغيير الادوار ؟؟ وهل هناك أدوار مفترضة لكل جنس؟؟
Comments 1