في هذا المقال سأعرض لك أهم وأفضل عشر طرق يستعملها علماء النفس والأطباء النفسيون لمساعدة الناس في علاج الأفكار السلبية والخوف والقلق والاكتئاب
سيناريو تعيشه يوميا:
بعد يوم شاق قضيته في الشغل والمشاكل الإدارية التي تعرضت لها، وعودتك من حصة الرياضة، والألم الذي أصابك بسبب رفعك للأثقال، كأنّ إبر خياطة توخز في عضلاتك كلما تحركت، كل ما رجوته في تلك اللحظة هو النوم، حضّرت فراشك واستلقيت، وقبل أن تغمض عينيك بلحظات سمعت طرق باب المنزل، وبالكاد استطعت النهوض من الفراش لترى من الطارق، حتى وجدته قريبك الذي لا يختار أبدا الوقت المناسب، ويأتيك منتصف الليل دون ميعاد مسبق، ضيف ثقيل دائما على كاهلك، فرحبت به وعيناك تمتلئان دموع من التعب والتي ظنّها هو دموع الفرح بلقياه، وبدأ يتحدث ويثرثر وأنت ترد عليه من عالم الأحلام وتنعل اليوم الذي نهضت فيه من الفراش وفتحت الباب… وبعد أن غادرك النعاس وأُصبت بصداع شديد من كثرة حديثه اعتذر هو للذهاب بسبب تأخر الوقت وتركك تعد النعاج فوق رأسك كي تستطيع النوم من جديد.
نتعرض لهذا الموقف بشكل يومي تقريبا، ضيف ثقيل يزورنا يوميا دون ميعاد ودون سابق انذار ولا نعرف التعامل معه، يؤرقنا يزعجنا ينهكنا ويتعبنا ويتركنا في صراع وغضب من أنفسنا، لكننا لم نجد الشجاعة أبدا لمواجهته والتعامل معه، هل عرفت من هذا الضيف؟
إنّها الأفكار السلبية المعيقة العالقة التي تنتهز أي فرصة للهجوم عليك، لتستفزك وتلعب بمشاعرك، تتسلل هذه الأفكار في البداية وتتغذى على رفضك ومقاومتك لها، لتصبح عائق وحاجز كبير لك بسبب عدم معرفتك الطرق النفسية الصحيحة للتعامل مع الأفكار المعيقة والتشوهات المعرفية…
أهم عشر طرق يعتمدها علماء النفس لعلاج الأفكار السلبية والخوف:
1- حدّد التشوّه المعرفي “Identify the Distortion“:
قم بكتابة الفكرة السلبية التي تخطر في بالك، إذا واجهت صعوبة في تحديدها، تذكر متى خطر تغيّر في مزاجك وتذكر ماذا كنت تفكر حينها، اكتب الفكرة ثم حدّد التشوه المعرفي المصاحب لها من عشر التشوهات التي تحدثت عنها المقال السابق”المبالغة في التعميم، الكل أو اللاشيء، التصفية، التغاضي على الاجابية، القفز إلى الاستنتاجات التهويل والتصغير، الاستنتاج المبني على العاطفة، اللوازم، التصنيف، الشخصنة واللوم” للاطلاع أكثر عن التشوهات المعرفية اضغط .
2- تأكد من الدليل “Examine the Evidence“:
عوض أن تعتبر الفكرة السلبية صحيحة وحقيقية حاول التأكد منها وابحث عن الدليل الحقيقي والواقعي الذي يدل عليها، مثلا إذا كنت تشعر أنك لا تفعل شيئا بشكل صحيح أكتب قائمة من الأفعال التي تقوم بها بشكل صحيح، أو إذا كنت تشعر أنك انسان سيء اكتب الأشياء الجيدة والمساعدات التي قمت بها تطوعا.
3- طريقة المعايير المزدوجة “TheDouble-Standard Method“:
هذه الطريقة فعالة في التعامل مع الخطاب الذاتي السلبي، عوض أن تكون قاسي مع نفسك وتؤنب نفسك كثيرا وتنتقد ذاتك وأفعالك، تخيل كيف كنت لتخاطب صديقك المقرب في نفس الموقف أو المشكل وتشجعه وتطمئنه، وخاطب نفسك بتلك الطريقة.
4- طريقة التجريب “The Experimental Technique“:
قم بتجربة للتأكد من صحة أفكارك أو توقعاتك السلبية، مثلا اذا كنت تشعر بالذعر أو انتابتك نوبة هلع، ستشعر بالخوف أنه قد تصيبك نوبة قلبية وتموت، يمكنك القفز حينها والركض بأقصى سرعتك، هكذا سيؤكد أن قلبك سليم وقوي أن تلك الأفكار وهم فقط.
5- التفكير بالتدرج الرمادي “Thinking in Shades of Grey“:
هذه الطريقة فعالة جدا في التعامل مع تفكير الكل أو اللاشيء، عوض التفكير بالكل أو اللاشيء واستعمال أقصى الحالات، قم بتقييم الأحداث من بمقياس من 0 إلى 100، فكّر في التجربة على أنّها خطوة للنجاح وليس فشل كلي ومطلق، فكّر فيما يمكنك تعلمه من التجربة. 6- طريقة التحقق “The Survey Method“:
اسأل أشخاص تثق فيهم للتحقق ما إن كانت أفكارك وتوقعاتك ومخاوفك واقعية، مثلا إذا كنت تعتقد أن السفر بالطائرة خطير ومروّع اسأل أشخاص جربوا ركوب الطائرة
وقل لهم يحكوا لك تجربتهم عنها، هنا يمكنك مقارنة أفكارك بتجاربهم والحكم إذا كانت أفكارك واقعية.
7- تعريف المصطلحات “Define Terms“:
هذه الطريقة فعالة مع تشوّه التصنيف، مثلا عوض القول أنا فاشل توقف وعرف الموقف على حقيقته أنت لست فاشل حصل لك فشل في هذا الموقف فقط، أنت لست أحمق وغبي ربما تصرفت بحماقة وغباء، أنت لست عصبي وهو ليس عصبي هو تصرف بعصبية.
8- استخدام دلالات الألفاظ “The Semantic Method“:
هذه الطريقة فعالة جدا في التعامل مع تشوّه اللزوم واللوازم، وهي أن تغير اللغة التي تتكلم بها وتخفض من حدتها مثلا عوض القول أنّه لم يكن يجب عليك التعامل بتلك الطريقة، قل كان من الأفضل أن لا أتعامل هكذا، أو عوض القول يجب أن أنجح، قل من الأفضل أن أنجح، رغم أنها تبدو لك بسيطة جدا إلا أن فعاليتها ساحرة لأنك تغير تعاملك مع دماغك من الاجبار والاكراه إلى التحفيز والتشجيع وهذه أفضل طريقة يستجيب لها الدماغ.
9- إعادة الاسناد “Re-attribution“:
عوض التفكير أنّك سيّء وأحمق ولوم نفسك عند حدوث مشكل، فكّر في العوامل التي أدّت لحدوث المشكل والتفكير في حل حقيقي وليس لوم نفسك والشعور بالذنب.
10- تحليل التكلفة والفوائد”Cost-Benefit Analysis“:
هذه الطريقة الساحرة، قم بوضع قائمة عن سلبيات وإيجابيات التفكير والشعور السلبي الذي ينتابك الآن، وتسأل نفسك مالذي سيفيدني التفكير هكذا؟ مثلا قد تشعر بالغضب عند تأخر الحافلة، اكتب فوائد وايجابيات أن تشعر هكذا ثم قارن بينهما، هذا سيساعدك على فصل نفسك عن الطريقة التي تفكير وتقييمك لها بطريقة موضوعية.
الآن وقد عرفت أهم الطرق للتعامل مع ضيفك الثقيل والأفكار المعيقة، أريدك أن تسامح نفسك صديقي قبل كل شيء، لم يعلّمك أحد من قبل كيف تتعامل مع أهم وسيلة في حياتك “دماغك وأفكارك” لم يعلموك كيف تتعامل مع مشاعرك وعالمك الداخلي، وأن تتقبل النتيجة التي أنت فيها وتتحمل مسؤوليتك ومسؤولية ما تشعر به، أعد قراءة هذه الطرق عدة مرات وقم باسقاطها على حياتك وعلى ما تفكر به، حللها جيدا وعلاقتها بالتشوهات المعرفية وابدأ في تطبيقها بشكل يومي وبجدية، وأنا أحرص بشدة أن أخبرك بهذا وهي المراقبة المستمرة لنظام تفكيرك وتطبيق هذه التقنيات لإعادة الأفكار المشوشة التي تخل بنظام تفكيرك، والمداومة على هذه العادة التي ستصبح مهارة في حياتك.
Comments 4