1. مقدّمة عن تعلّم اللغات لدينا:
أنت تتعلّم اللغات الأجنبية بطريقة خاطئة، لهذا لن تستطيع أبدا أن تصل لمستوى متقدّم فيها وفهم أصحابها والتحدّث معهم…
نحن في الجزائر ندرس الفرنسية من السنة الثالثة ابتدائي، وندرسها لمدّة عشر سنوات، بشكل مكثّف لمدة أربع إلى خمس ساعات في الأسبوع، وإذا طلبت من طالب جامعي أن يعطيك جملة بالفرنسية سيقول لك
Salma Va a l’école
سلمى عمرها ما جات من ليكول عند الجزايريين…
ليس هذا فقط… عندما تذهب لطلبة جامعيين للغات نأخذ الفرنسية على سبيل المثال، ستجد كوارث، يشتكي الأساتذة الجامعيون أنّ بعض طلبة الليسانس لا يمكنهم حتى خوض محادثة بسيطة بالفرنسية…
اللغة الانجليزية أيضا، رغم العشر سنوات دراسة التي أصبح يدرسها الطلبة الآن، هم يتقنون فقط بعض كلمات الشتائم التي تعلّموها في الأفلام…
هناك مشكل كبير هنا…
لماذا لا يمكننا تعلّم اللغات بسهولة؟؟ أين الخلل هل هو في الطلبة أم في النظام التعليمي أم في البيئة التي يعيشها؟؟
في هذا المقال سنتحدّث عن الطرق الخاطئة لتعلّم اللغات، ولماذا هي كذلك؟ وماهي أفضل طريقة ممتعة لتعلّم اللغات، وكيف احترفت اللغة الانجليزية والخطة العملية التي وضعتها لتعلّم اللغة الألمانية وسأخبرك لماذا أهم مهارة قد تتعلّمها في حياتك هو أن تتقن اللغة الانجليزية…
ماهي الطرق الخاطئة لتعلّم اللغات؟
عندما أقول طريقة خاطئة لا أعني أنّك لن تتعلّم أبدا اللغة ولكن فاعليتك ستكون ضعيفة جدا لدرجة أنّك ستشعر بنفور شديد من دراستها…
2. الطرق الخاطئة لتعلّم اللغات:
عندما كنت طفلا ذهبت لبيت قريبي الذي هو بمثل سنّي فوجدته يبكي ويمسك قاموسا باللغة الفرنسية، ويشتكي أنّ أخوه الأكبر يجبره على تعلّم عشر كلمات يوميا في اللغة الفرنسية بالقاموس وإلا سيعاقبه… مرّ على ذلك الوقت قرابة 15 سنة ومع معدّل حفظه ذلك، على الأقل الآن يتقن 50000 ألف كلمة في الفرنسية… سوى أنّني بعد أن القيته قبل أشهر قليلة لا يمكنه كتابة اسمه بشكل صحيح في اللغة الفرنسية…
إذا كنت سأذكر لك أخطاء تعلّم اللغات فهذه الطريقة هي الأسوأ والأغبى على الاطلاق، هذه الطريقة ستكرهك في اللغة وأصحابها وفي نفسك…
حسنا قد تقول لي أنّ أفضل طريقة هي المدرسة أو التعليم الأكاديمي وخوض الاختبارات وتطوير اللغة من عند استاذ ونقسّم اللغة إلى مهارات عديدة حيث يدرس الطلبة الVocabulaire أو المصطلحات ثم يتعلّمون قواعد اللغة وكيف يربطون هذه المصطلحات من خلال الGrammaire وConjuagaison وorthographe وprononciation حيث يدرس الطالب كل مهارة لغوية على حدى وهكذا سيعلم كيف يكوّن الجملة ويعرف الأفعال وتصريفها ومكانها في الجملة ثم يخوض اختبارات على هذه المهارات كي يقيّم اتقانه لها…
لكن في الحقيقة رغم النظام الذي يتحلّ به التعليم الأكاديمي في اللغات إلّا أنّه ليس أفضل طريقة لاتقان اللغات بل على العكس قد يكون الاستاذ أو المدرسة أو المعهد الذي تدرس فيه اللغة أكبر عائق للتعلّم… وسأخبرك بعد قليل لماذا…
قد تقول لي مادام التعليم الأكاديمي وحفظ الكلمات مباشرة غير فعّال إذن فالوسيلة الوحيدة المتبقيّة لك هي التطبيقات مثل ديولينغو وبابل ومامرايز وغيرها…
فأقول لك يا صديقي أنّ هذه أيضا ليست أفضل وسيلة لاتقان اللغة قد يتحسّن فيها مستواك قليلا لكنّها بطيئة جدا، جرّبت تطبيق مامرايز في تعلّم اللغة الألمانية وتحسّن فيها مستواي قليلا، لكنّ تحسني كان بطيئا جدا ومع مرور شهر أو شهرين شعرت بالملل وتوقفت عن دراساتها، وكنت أعود لها كلّ مرة، لكن من دون جدوى…والآن عدت لتعلّمها من جديد بهذه التقنية التي سأخبرك عنها في هذا الفيديو، وفعلا صدمت من قوّتها في تعلّم أي لغة…
الوسيلة الأخرى التي يعتقد الناس أنّها فعّالة هي الذهاب للبلد الذي يتحدّث اللغة وأخذ اللغة منهم، فأقول لك يا صديقي أنّ هذه أيضا ليست أفضل طريقة لشخص مبتدئ… وساخبرك بعد قليل لماذا
الآن بقي لك شيء واحد، ستفحمني به… لأنّ لا شيء آخر… هو مشاهدة الأفلام والمسلسلات والأنيم المترجمة حيث تسمع الكلمة وترى ترجمتها في الأسفل وهكذا يعرف أغلب الناس بعض المصطلحات الشائعة من اللغة الانجليزية… سوى أنّها أيضا ليست أفضل طريقة علميا لاتقان اللغة، لقد تعلّمت منها يا صديقي بعض الشتائم والتي خدعتك MBC2 بأنّ ترجمتها هي تبا لك…
هنا بدأت تنزعج أعلم هذا… سأخبرك الآن لماذا هذه الطرق خاطئة ولماذا لا تصلح لتعلّم اللغات بشكل مثالي وفعّال…
السبب الحقيقي: أنت لا تستطيع اتقان أي لغة والتحدّث بها لأنّك تدرسها هذا هو السبب…
لا تقلق سأشرح لك مالذي يعنيه هذا…
اللغة هي وسيلة للتواصل، هي وسيلة كي تفهم ما أفكّر به وأعنيه ونعلم كلينا أنّنا فهمنا بعضنا ولدينا نفس الصورة أو على الأقل صورة تقريبية للذي نريد إيصاله من خلال الحوار… هذه هي اللغة ببساطة…
إذا نظرت للغة على أساس أنّها غاية وليست وسيلة هنا سيصبح كل شيء معقّدا، لأنّ غايتك من الاستماع إلي حينها ستصبح معرفة تنظيم الجمل والGrammaire وتصريف الأفعال والإعراب …سيركّز دماغك على تفاصيل كثيرة جدا ومعقّدة وينشغل بتحليلها وتحليل الشكل عوض التركيز في الشيء الوحيد الذي وضعت اللغة على أساسه الذي هو أن تفهم ما أقوله فقط أو تفهم المضمون الذي قد يكون بسيطا جدا…
الدماغ البشري ليس بارعا في التذكّر وحفظ المعلومات خاصة اللغة التي هي عبارة عن أصوات ورموز مجرّدة لهذا طريقة الحفظ المباشر للكلمات من خلال التطبيقات كديولينغو أو من خلال القواميس لن تجدي نفعا، الدماغ بارع في فهم المعاني والصور والقصص وخاصة تحديد الأنماط وتسلسلها وربطها ببعضها…
ستيفن كراشن هو بروفيسور أمريكي شهير نشر أكثر من 400 بحث أكاديمي، قضى كل سنوات بحثه في دراسة أفضل أساليب تعلّم اللغة الثانية ومقارنتها، وأثبت في أبحاثه انّ أفضل طريقة لتعلّم لغة ثانية هي من خلال اكتسابها وليس دراستها…
حيث قال: “لقد قمنا بتجريب مختلف الأساليب لتعلّم اللغات، التعليم من خلال الغرامار، ومن خلال الاختبارات والتمارين، ومن خلال الحواسيب، والشيء الوحيد الناجع لتعلّم اللغة هي الحصول على رسالات مفهومة، من خلال المدخل اللغوي المفهوم”
أحد القصص الشهيرة التي تبيّن الطريقة الغبية الرسمية والأكاديمية للغرامار في اللغات هو أنّ شخص فرنسي لغته الأم هي الفرنسية يعني ولد في فرنسا وعاش طول حياته في فرنسا، وأراد الانتقال إلى كندا، ووجب عليه خوص اختبار الفرنسية من أجل الحصول على الجنسية، هذا المهاجر كان يتكلّم اللغة الفرنسية فقط طوال حياته، يتقن لغة واحدة، وخمّن ماذا يا صديقي فشل في هذا الاختبار… غبّية جدا جدا طرق تدريس اللغات وطرق اختبارها…
عندما تركّز على تعلّم الغرامار في التعليم الاكاديمي، سيجد دماغك صعوبة كبيرة في فهم المعلومات لأنّه سيعتقد أنّه كي يفهم أي شيء في اللغة يجب عليه المرور على كل القواعد اللغوية والتأكد منها وسيركّز على الشكل، لهذا تصبح اللغة عملية عقلية مجهدة جدا، لأنّك تركز على الشكل عوض التركيز على المعنى الذي هو الأساس…
انظر إلى اللغة الفرنسية التي نتعلّمها في المدارس، إذا أتقنت الConjugaison في الفرنسية فيجب أن تكون فخورا جدا بنفسك، عليك التفريق بين أفعال ال premier deuxieeme troisieme groupe ثم الأزمة ثم indicatif subjontif conditionel ….
présent futur imparfaits passé simple passé composé plus que parfais future anterieur passé anterieur
آآآآآو
الطلبة يعتقدون أنّ هذه هي اللغة الفرنسية بالغة التعقيد، لكن في الحقيقة قد يكون الفرنسيون أنفسهم لا يعرفون هذه التفاصيل سوى الدارسين منهم للأدب الفرنسي…
مثلنا تماما، هل تعرف كل القواعد للنحو والصرف والاعراب للغة العربية؟؟ الكثير من المتعلّمين الجامعيين مازالوا يخطئون في التفريق بين الظ والض في الاملاء… تخيّل أنّ شخص أمريكي أراد تعلّم اللغة العربية وبدأ له الاستاذ بالنحو والاعراب والشعر والتصريف… سينفجر رأسه
بيّن ستيفن كراشن أنّ أحسن طريقة لتعلّم اي لغة جديدة هي من خلال اكتسابها وليس دراستها
يعني أنّك تتعامل معها كوسيلة للفهم ولا تصبح هي الغاية، تماما مثلما يفعل الأطفال في اللغة، الطفل يقوم بربط الصوت الذي تقوله بالحدث أو الشيء الذي تشير له، ومع التكرار الشديد والمدّة يربط الكلمات والأصوات بمعانيها من خلال التفاعل القوي مع المحيط الذي يعيشه، وهكذا يستطيع الطفل التحدّث والفهم دون ان يعرف أي قاعدة للنحو أو الاعراب أو الاملاء… بل كثرة تعرّضه لها ستجعله يتقيّد بالقواعد دون معرفته أصلا للقواعد… لأننا لو جلبنا شخصا أمّيا لا يعرف القراءة والكتابة من الصحراء وهم المعروفون بأنّهم فصيحون جدا في اللغة العربية، وقلت “أنتَ اذهبي واحضري لي كأسة شاية” إذا لم يضربك بدبزة على الوجه سيخبرك أنّ أنت تقال للذكور لذا قل له أنت اذهب… إلا إذا كان من الشرق الجزائري الذين لديهم المذكر والمؤنث مقلوبين في لهجتهم…
وهذا هو المشكل الذي يقع فيه الجميع عندما يدرسون اللغة من خلال الأكاديميا تصبح اللغة غاية، ويركّزون بشكل كبير على الشكل وليس على المضمون والمعنى وأن يغمروا المتعلّم باللغة مثلما يفعل الطفل تماما…
وأفضل تشبيه لهذا هو السباحة…
ما تفعله المدارس لدارسي اللغة مثلما يفعله مدرّب السباحة الذي يريك كيف تسبح والتقنيات المثالية للسباحة افعل هكذا ويجب أن تستوي تماما مع الماء تميل قليلا بجسدك وتخرج نصف راسك لتأخذ الهواء ثم تعود وترمي الهواء وأنت داخل الماء، يعلّمك كل تفاصيل التقنية… لكنّ الشيء الوحيد الذي عليه أن يشدّد عليه هو أن يرميك في المسبح… لن تتعلّم السباحة وأنت خارج المسبح حتى لو علّمك مايكل فيليبس نفسه، فكرة أن تسترخي وتترك الماء يحملك لن تتقنها ولو قرؤوا عليك علوم الدنيا في السباحة والفيزياء وأرخميدس إذا لم تتعلّمها أنت وسط الماء وترمي نفسك…
لهذا أفضل وأمتع طريقة لتعلّم أي لغة هي شيء اسمه Comprehensible input
وكي نفهمه جيّدا علينا معرفة الفرق بين التعلّم والاكتساب: التعلّم هو المعلومات والمفاهيم التي تضعها بوعي في ذاكرتك وتسع إلى ترسيخها في الذاكرة طويلة الأمد من خلال التعلّم النشط وذلك من خلال تحليلها وربطها بمعلومات أخرى ثم استرجاعها من خلال الاختبارات والفلاش كاردز وغيرها وقد تحدّثت بالتفصيل عن هذا في كورس المذاكرة… أمّا اكتساب الشيء فهو أن تنغمس فيه وتتعرض له لأكبر فترة ممكنة حتى يستطيع دماغك استخراج الأنماط المتكرّرة فيه
وهذا الأخير هو أفضل طريقة لتعلّم أي لغة…
قد تقول إذن أفضل طريقة هي الذهاب للبلد الذي يتحدّث تلك اللغة وهكذا ستكتسبها بسهولة… وهنا يا صديقي نعود للمفهوم Comprehensible input يعني أنّك تتعلّم بالانغماس في اللغة من خلال الاشارات المفهومة بالنسبة لمستواك في تلك الفترة لأنك إذا تحدّثت مع الأشخاص الذين يتحدّثون بلغتهم سيصبح كل شيء فوضى ولن تفهم أي شيء ولن تستطيع ربط أي كلمة بمعنى… لهذا يجب أن تبدأ بالتدريج…
يعتقد الكثيرون أنّ عليهم المرور بالحفظ والغرامار والكوجيغيزو وكل القواعد اللغوية كي يتقنوا اللغة لكنّ الحقيقة العكس تماما يمكنك من التعرض المنظّم والمتدرّج للغة بدون أي قواعد تعلّمها والتحدّث بها بطلاقة بل استخراج قواعدها لوحدك لأنّك من كثرة التعرّض لها سيحدّد دماغك أنماطا متكرّرة للتعامل معها…
يقول ستيف كوفمان الرجل الذي يتقن ويتحدّث أكثر من 22 لغة “أنا أعتقد أن تعلّم أي لغة يعتمد على إيجادك لطريقة ممتعة للتعامل معها، وقنبلة دماغك بالتعرّض لها، وتثق أنّ دماغك سيتعلّمها مع الوقت”
ويقول أيضا “اكتشفت ان الطرق المختلفة لممارسة اللغة والتعلّم النشط هي أقل فاعلية من التنمية التلقائية للمصطلحات من خلال القراءة والسمع”
والآن يا صديقي… بعد أن اقتنعت على ما أظنّ بهذه الطريقة سأخبرك بالخطوات العمليّة البسيطة التي عليك اتباعها كي تتعلّم بسرعة أي لغة
أوّل شيء: يجب عليك أن تجعلها ممتعة بالنسبة، كيف هذا؟؟
من بداية تعرّضك للغة عليك التركيز على الأشياء التي تهتم بها، مثلا أنت تهتم لكرة القدم وتريد تعلّم اللغة الأسبانية، ابدأ بالبحث على الكلمات الأكثر استعمالا في كرة القدم باللغة الاسبانية، وتعلّمها ومن هنا ستبدأ انطلاقتك باللغة الاسبانية، بعد أن تتعلّم أكثر الكلمات المستعملة في المباريات ستشاهد مباريات كرة القدم باللغة الاسبانية… وهكذا ابحث عن اهتماماتك من خلال اللغة التي تريد اتقانها…
إذا كنت تتمتّع وأنت تستمع للغة هكذا لن تشعر بالجهد الذي كنت تبذله لتدرس، ولن تصبح اللغة عمليّة مملّة بل ستتحمّس كل مرة لتحديد معاني جديدة للأشياء التي تتعرّض لها باللغة هكذا ستكتسبها
احرص كثيرا على هذه النقطة يا صديقي ابدأ بالأشياء التي تستمتع بها وتتحمّس لها هذا…
النقطة الثانية: سيكون مثاليا لو وجدت أبا لغويا: يعني شخص تستطيع أن يعلّمك اللغة وتتحدّث معه لكن من دون أن يعطيك أي نصائح للصرف والنحو أو يصحح لك، تماما مثلما يفعل الآباء مع ابنائهم، احضر له مجلّة صور أو قصة للأطفال واطلب منه أن يتحدّث معك فقط بهذه اللغة دون ذكر أي كلمة من لغتك الأم…
لكن أعلم أنّ هذا سيكون من الصعب توفّره…
لذا نعود لخطّتنا:
النقطة الثالثة-احصل على كتب فيها الكلمات البسيطة للغة والأكثر استعمالا للأفعال والصفات والأرقام… ومن الأفضل أن تكون بهذه اللغة فقط يعني مجلّات خاصة بالأطفال تكون بها صور ورسومات… اعطها نصف الجلسة يعني نصف ساعة إذا ستدرس هذه اللغة لمدّة ساعة يوميا
ثم النصف الساعة الأخرى ستمرّ مباشرة للComprehensible Input
والأفضل من خلال فيديوهات تعليمية يستعملون هذه التقنية ستجدها متوفرة لكل اللغات في اليوتوب، حيث تجد شخص يتحدّث بهذه اللغة ببطء ومن خلال الاشارة للمصلحات التي يريد تعليمها لك
هل لاحظت قوّته أظنك اتقنت القليل من الكلمات رغم أنّك تسمعها لأول مرّة
وكلّما أتقنت الكثير من الكلمات ستمر لمجالات لا تفهمها بعد في اللغة بالتدريج وبثبات وفي نفس الوقت أنت تستمتع باللغة من خلال التعرّض المستمر لما تهتم له كما قلت قبل قليل من خلال الرياضة أو أفلام أو فاشن أو أنيم وغيرها…
قد تقول لي لقد أخبرتنا قبل قليل أن مشاهدة الأفلام هي طريقة خاطئة للتعلّم، نعم يا صديقي تعجبني قوّة ملاحظتك
عملت دراسة على طلبة أمريكيين يتعلّمون الاسبانية فوجدوا أن مشاهدة الأفلام بالترجمة الانجليزية كان تحسّنهم في اللغة معدوما، ومشاهدة الفيلم مباشرة دون ترجمة تحسّنهم كان 7 بالمئة بينما مشاهدته باللغة الاسبانية والكلام مكتوب أيضا بالاسبانية في الأسفل زاد تحسّنهم ب17 بالمئة…
وهذا ما قصدته في أن تغرق نفسك باللغة بحيث تجبر دماغك على تحديد الأنماط المتكررة واتقانها…
النقطة الرابعة- لا تركّز على القواعد في اللغة دماغك سيتقنها تلقائيا:
تفاجأ استاذ في أحد الجامعات لدينا في مستوى طلبة الليسانس في اللغة الفرنسية، فقام بسؤالهم، هل يوجد طالب بينكم قرأ على الأقل 20 صفحة باللغة الفرنسية فليرفع يده؟؟
انصدم الاستاذ… لم يرفع أي طالب منهم يده، قرابة 13 سنة من دراسة اللغة ولم يقرأ أي واحد منهم عشرين صفحة لهذه اللغة كيف ستتوقع منهم أن يتقنوها؟
لا تقرأ القواعد ولا تركّز عليها إلا إذا كنت حقا تحبّها وخصص لها 3 بالمئة فقط من تركيزك…
الحالة الوحيدة التي قد تحتاج فيها إلى القواعد إذا كنت ستتقدّم لاختبار لغة رسمي وعلمت أنّهم سيسألون عنها أو إذا كنت ستدرس في الأكاديميا… غيرها ركّز على التعرّض للغة لأكبر قدر ممكن من الوقت حسب مستواك من خلال الفيديوات والقراءة… اقرأ كل ما يقع في يدك حول تلك اللغة
احترفت الانجليزية رغم تركيزنا لسبع سنوات على اللغة الفرنسية في الطب لكنّ أنظر إلى مكتبتي نصف الكتب بالانجليزية أنظر للكتب pdf التي في الهاتف والحاسوب كلّها بالانجليزية، حتى القنوات التي أتابعها على اليوتوب 80 بالمئة منها باللغة الانجليزية هكذا احترفت اللغة الانجليزية أنا اشاهد اغلب الافلام والمسلسلات بدون ترجمة باللغة الانجليزية…
سأفتح قوس هنا، كما قلت قبل قليل اللغة هي مجرّد وسيلة للتواصل، لكن هناك لغة أقوى من لغة وليس هذا في عدد المتحدّثين فحسب، لكن اللغة الانجليزية هي أقوى لغة للعلم، كرهت اللغة الفرنسية لأنّها متخلّفة مقارنة بالانجليزية في العلم، عندما كنت أدرس الطب أجد الآلاف من الفيديوات التعليمية والأبحاث والمصادر باللغة الانجليزية بينما الفرنسية شحيحة في الجودة والنوعية والكمية… جماعة إذا أردتم أن تبدؤوا تعلّم لغة ثانية يجب وواجب ولازم عليكم والأفضل لكم أن تتعلّموا اللغة الانجليزية، وتعلّموا ابناءكم اللغة الانجليزية، لا يمكنني أن اعدّ لكم كمية الفوائد والتسهيلات والقوّة التي ستتيحها لك تعلّم الانجليزية، العالم والعلم والمعرفة والفلسفة كلّها ستفتح بين يديك…
عندما يمكنك فهم 80 إلى 90 بالمئة من الكلمات التي تسمعها في فيلم أو نشرة أو كتاب باللغة، اسع الآن أن تتكلّمها بشكل جاد، من خلال تطبيقات لتحدّث اللغات مع شخص أجنبي أو هناك بعض المواقع التي تستعمل الai سيخوض محادثة مباشرة معك أو تقرّر للذهاب للبلد الذي يتحدّث اللغة حينها وسيكون أفضل خيار…
أيضا عليك أن تركّز على بعض الأشياء:
أولها-الوقت: اللغة تحتاج إلى وقت على الأقل ست أشهر عندما تعطيها أولوية ووقت جاد لذا عليك أن تصبر
ثانيا-لا تخف من الخطأ: الخوف من أن تخطئ هو أكبر عائق قد تواجهه لتعلّم اي لغة، بل على العكس اسع إلى الخطأ لأنّها أفضل طريقة كي تساعد دماغك على هضم اللغة، تماما مثل الطفل
ثالثا-ركّز على الاستمتاع أثناء الرحلة ففي النهاية هي وسيلة كي تفتح لك عالم لثقافات وتاريخ وحضارات لبشر غير مجتمعك
أخيرا سأضع لك ملخّص كي تتعلّم أي لغة بسهولة:
انغمس في اللغة من أول يوم تبدأ تعلّمها فيه، واعتمد على Comprehensible input وهو التعلّم من خلال الاشارات المفهومة وربطها بالكلمات التي تسمعها أو تقرأها ثم ابدأ في التدريج بالتوسّع لمجالات ومفاهيم أخرى، لا تركّز على قواعد اللغة وعلى الحفظ والاختبارات والفلاش كاردز بل ركّز على قراءة والاستماع ومشاهدة أكبر قدر ممكن من اللغة، أيضا ركّز على أكثر الكلمات المستعملة في اللغة والتي ستتعرّض لها بشكل طبيعي وتلقائي من انغماسك الكبير لها من خلال الاستماع والقراءة الدائمة، ولا تنس الاستمتاع بالرحلة