كيف تعرف الفرق بين النقاش والجدال، وتجنّب نفسك النقاشات البيزنطية والأشخاص السطحيين؟؟
أول ما دخلت رحلة التحرر الفكري أثناء مراهقتي، وبدأت البحث والتعمق في الكثير من المعتقدات والعادات التي ورثتها من المجتمع والتي كانت تنافي العقل والمنطق، اكتشفت أنني كنت معميا، مخدوعا، جاهلا، غافلا، مبرمجا، متحجرا… وبقدر ما توصلت لهذا كان لي حماس كبير أن أشاركه مع الناس من حولي، كمن وجد منبع ماء لقرية تعاني من الجفاف وأراد تنبيه الناس إليه…
لكني قوبلت برفض شديد، ودخلت في جدالات كثيرة عقيمة، تعرضت فيها لأسوأ أنواع الحكم والسخرية والزندقة، وخسرت الكثير من العلاقات المقربة…
هذا جعلني أخسر طاقة كبيرة، وأضيع وقت كثير، وتشتت تركيزي، وفقدت رؤيتي وانحرف مسار طريقي، لكني تعلمت كثيرا من تلك الجدالات… وأهم شيء تعلمته أن أعرف الفرق بين الجدال والنقاش وتبادل الآراء وأتجنب الجدالات نهائيا …
أفضل شيء قد تحصل عليه في طريقك للمعرفة هو نقاش فكري حقيقي تتشارك فيه آراءك مع شخص مطلع، لكن أكبر عرقلة قد تتعرض لها في نفس الوقت هو دخولك
في جدالات عقيمة بدون فائدة وهو التصرف الذي عليك تجنبه قدر الامكان …
وخلال هذه السنوات طورت شروط كي أفرق بين النقاش والجدال…
هي شروط شخصية فقط ساعدتني كثيرا في عدم خسارة الطاقة مع الجدال والمجادلين والأشخاص السطحيين …
الغاية من النقاش:
لا تجادل من يهدف لتغيير رأيك وليس طرح فكرته فقط: النقاش هو وسيلة لتبادل الآراء وطرح الافكار وإثراء المعارف وليس محاولة أحدهم تغيير رأي الآخر وفرض وجهة نظره…
لا تجادل من يمتلك الحقيقة المطلقة:
أغلب الناس يدخل النقاشات وكأن بيده الحقيقة المطلقة هذا يجعله يتعصب كثيرا أثناء النقاش ويراك بوجهة نظر اقصائية ويحكم عليك بالسوء لأنك في نظره غبي… ولا تريد رؤية الحقيقة الواضحة بالنسبة له…
الاستماع والاصغاء:
أهم شرط للنقاش هو ان يعطي كل شخص الفرصة للآخر ليشرح فكرته جيدا ويفهمه اذا لم يترك لك الشخص الفرصة للتحدث فقد خرجتم من مجال النقاش إلى الجدال، حاول الخروج بأقل الأضرار …
الاحترام وعدم الشخصنة والحكم:
بمجرد أن يبدأ الشخص بالسب أو الشتم أو يحكم عليك وينقدك لشخصك عوض أفكارك ويقل احترامه معك، هذا ضع مسافة أمان بينك وبينه لأنها تعتبر بمثابة اشارة حمراء لعلاقتكم …
المنطلقات:
أثناء خوضك للنقاش حاول أن تجد أمور مشتركة بينكما تتفقان عليها، كي تستطيعا القياس عليها، اذا لم تجدا أي أمور أو نقاط أو مفاهيم مشتركة ففي غالب الأحيان سيتحول النقاش إلى جدال وهذا يكثر في الجدالات السياسية والدينية أين تتشعب المحادثة حتى يصبح كل طرف يتحدث في موضوع بعيد تماما عما انطلقتما به …
لا تجادل من يستغل سلطته:
في الغالب يستغل الناس سلطتهملفرض آرائهم كأن يستغل منصبه، أو كونه والدك أو قريبك، أو حتى كونه أكبر منك سنا ليبين جهلك وخبرته هو في الحياة، هاته الجدالات هي أكثرها مضيعة للوقت أين تصبح السلطة هي الفاصل في النقاش وليس الحجة…
لا تجادل “غير المطلع”:
في كثير من الأحيان تتجادل مع شخص حول صحة نظرية أو معلومة ثم تكتشفت لاحقا أن أدنى مبادئ النظرية لا يعرفها هذا الشخص وأنه يحكم بدون اطلاع على الموضوع …
لا تجادل الناقد المتحجر:
الذي يرفض الفكرة مباشرة دون تحليلها وفهمها جيدا، ولا يمتلك الانفتاح الذهني لتقبل الآراء المخالفة…
لا تجادل “الموروث”:
يتبنى أغلب الناس الآراء والقناعات الموروثة وهؤلاء هم أصعب الناس في النقاش لأن مجرد هز قناعاته ومعتقداته يشعر بتهديد حقيقي ويتفعل لديه ميكانيزم الهجوم أو الهرب …
إياك أن تجادل على مواقع التواصل:
عبر التعليقات أو بالشات، صدقني لا توجد نقاشات عبر الشات والتعليقات كلها جدالات… محاولة تبادل الآراء بالمباشر وتكون صعبة فما بالك عبر بعض الكلمات المكتوبة، أحاول قدر الامكان التقليص من الشات والرسائل لأن الوقت الذي تأخذه أحب أستثمره في كتابة مقال اشاركه مع الجميع….
كانت هذه شروطي التي طورتها عبر سنوات من الجدالات لدخول أي نقاش، وهي فعالة جدا وتدخر لك كم كبير من الطاقة، والتركيز الذي ستخسره مع شخص لم يوافق هذه الشروط يكفيك لقراءة كتب والاطلاع على آراء من خبراء وفهم وادراك ذلك الموضوع بشكل جيد … قد تلاحظ أن أغلب المحادثات لا تتوفر فيها هذه الشروط وفعلا نادرا ما أدخل في “نقاش” مع أي شخص …
إليك الآن أهم طرق التواصل الفعّال كي تبني علاقات قوية وتتواصل بشكل احترافي في العمل والبيت والشارع هنا
Comments 2