إلى اي حد يمكن أن تتحلى بالطاعة العمياء في اتباع قيادتك ورئيسك ووالديك ومشايخك؟؟
قنبلة هيروشيما وناقازاكي… ذلك الحدث التاريخي المروع الذي حدث أثناء الحرب العالمية سنة 1945 دالا على الشر والحقد الذي يمكن أن يحمله البشر لبعضهم…
راح ضحيتها 140 ألف شخص أغلبهم مدنيين وعشرات الآلاف من المصابين في حالات خطيرة وبقي مفعولها حتى اليوم بسبب الإشعاعات الصادرة عن اليورانيوم المنفجر وتحطيم 90 بالمئة من المنشآت العمرانية لقد تم محو المدينتين تماما من على سطح الارض …
لكن مالذي كان يفكر فيه بول بيتس الطيّار الكولونيل الذي كان يقود ذلك الأسطول الجوي من ثلاث طائرات عندما ضغط زر إطلاق القنبلة؟!! ألم يكن يعلم الكم الهائل من الخسائر والدمار الذي ستخلفه القنبلة؟!!!
سنة 1961 قام عالم النفس ستانلي ميلغرام في الجامعة الشهيرة “يال” الأميريكية بالتجربة الشهيرة التي فاجأت العالم بنتائجها في السلوك البشري والتي سميت ب”تجربة الميلغرام” تهدف التجربة حول معرفة إلى أي حد يمكن لشخص عادي أن يؤذي إنسان آخر إذا تلقى الأوامر من السلطة، مبدأ يركز على أن يتم خداع الشخص الذي سيجرى عليه الاختبار وإيهامه أنهم سيقومون بتجربة حول كيف يمكن لوسائل العقاب أن تحسن طريقتنا في التعلم، تقوم التجربة على ثلاث أشخاص وهم “المشرف” وهو الذي يعطي الأوامر للذي ستجرى عليه التجربة هذا الأخير يوضع أمامه جهاز صاعق من 0 فولت الي 450 فولت ومجموعة من الأسئلة و”الممثل” الذي يجلس في الغرفة الأخر ىيتم ربطه بجهاز صاعق والذي يصرح قبل بداية التجربة أنه يعاني من مشاكل في قلبه …
بعدها تطرح أسئلة على الممثل وكل ما يخطئ في سؤال يتم صعقه وتتزايد قوة الصعقات مع التقدم في الأسئلة والذي يبدأ في الصراخ بشدة والتوسل فيما بعد أنه يريد أن يتوقف وأنّ قلبه يؤلمه حتى تتوقف استغاثاته بعد 300 فولت
يقوم المشرف بتشجيع الصاعق ويخبره أنه يجب أن يزيد في قوة الصعقات وأن التجربة تستلزم هذا …
بعد نهاية التجربة صعق العلماء في النتائج والذي كان يتوقع أن 1% فقط من الأشخاص سيتسمر حتى 450 فولت لكن كانت النتائج كارثية فقد واصل 65% من الأشخاص صعق الممثل رغم توسله وتضرعه حتى النهاية و100% تجاوزوا 300 فولت… بعدها صرح ملغرام ستانلي” لقد قمت بإجراء اختبار بسيط لقياس كمية الألم التي يمكن لشخص عادي أن يسببها لشخص آخر، تنفيذا لأمر صدر عن عالم يشرف على اختبار، سلطة مجردة تتعارض مع مبدأ “عدم إيذاء الآخرين” وهو ما يفترض أنه أحد أشد أخلاقياتنا صرامة، هذا “المبدأ” وتلك “السلطة” يلتقيان في تحد سافر على صدى صرخات الضحية “الممثل” وتفوز السلطة في هذا التحدي أكثر مما يمكن لنا تصوره.”…
لقد صرح بول بيتس أنه لا يعترف بارتكاب جريمة عندما رمى القنبلة وإنما كان ينفذ الأوامر وأن ضميره لا يؤنبه على ما فعله!
هذا يجعلنا نتساءل هل يمكن أن نكون مثل بول بيتس؟؟ وإلى أي حد يمكن أن تصل الطاعة العمياء لزعمائنا ومشايخنا وسادتنا وكبرائنا؟؟ وما مقدار تأثير هؤلاء السلطات على سلوكياتنا بشكل عام؟؟ كيف نحاسب شخص انضم لداعش وقام بذبح عشرات الأبرياء من النساء والأطفال والعزل وقد تلقى الأوامر من شيخه ويعتبر أن هذا هو الصلاح؟؟؟ وهل نحاسبه على فعله أم على أنه لا يمتلك عقل أم على انسانيته أم نحاسب فقط القادة ونعفو عن المتبعين؟؟!!
إن الطريقة التي تربينا عليها كمجتمعات والتي تحتم علينا الطاعة العمياء المطلقة للكبير والأستاذ والشيخ والمدير ورب العمل و… واعطائه الحق المطلق الدائم والكبت والاسكات والاضطهاد الذي تعرضنا له كأطفال في البيوت والمدارس والشارع جعلنا نذوب داخل العقل الجمعي، جعلنا نخسر عقولنا بل وأنفسنا ضمن هذا الوهم الكبير، جعلنا عبيدا لهذه الأنظمة وأعمانا على تحديد الحق من الباطل يوم نقول “إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا” ويوم “تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا” أين سنكون نحن؟!!!!
لذا تذكر يا صديقي أنه مهما بدا لك أنك شجاع وحر هناك ذلك الجانب الذي يمثل النعجة التي تطيع الاوامر والدجاجة التي تخاف من معارضة الأوامر عندما تختلف مع مبادئك…
Comments 1