Table of Contents
هل تساءلت يوما كان حال العرب والمسلمين قبل بداية التجهيل والخرافات التي نعيشها الآن؟
1. قصّة:
صباح يوم سعيد تقرر الذهاب في رحلة مع عائلتك للاستمتاع بالجو المشمس في الطبيعة، وفي الطريق تلاحظ أن عداد الحرارة في السيارة مرتفع جدا لكنك تتجاهله وبعد مسافة معينة يتصاعد الدخان من المحرك فتخبرك زوجتك أنّ هناك خطب ما لكنك تطمئنها أنّ كل شيء تحت السيطرة، تسير لكيلومترات حتى تسمع انفجار داخل المحرك وتنحرف السيارة عن مسارها وبالكاد تستطيع التحكم بها لتتوقف على جانب الطريق وأنت تستغرب النحس الذي يلاحق حياتك وتشعر بالإحباط من حالة الحسد التي يشعر بها الناس اتجاهك…
في مدينتي الصغيرة يحكي أجدادي الأعزاء عن أول سيارة من نوع 504 دخلت المدينة لم تكن حينها الطرق معبدة، ويبدو أنّ صاحب السيارة قد ضلّ الطريق ليجد نفسه داخل هذه القرية، حيث يستلقي فيها الرجال على جوانب الطريق يحمل كل واحد فيهم رصاصة بعينه يقتل بها المارين ذهابا وإيابا، وفجأة تتعطل السيارة وينزل السائق في حيرة من أمره ويهرع إليه رجال كانوا جالسين هناك… يتساءل الرجل مستاءا، إنّها جديدة لا أعرف مالعطل الذي حل بها؟؟ فيطمئنه أحد الرجال ويتقدم فيهم شيخ ذو لحية بيضاء ويقوم بقياس السيارة بالشبر وهو يتمتم كلمات غير مسموعة وعندما ينتهي من القياس ينظر إليهم ويقول ناقصة شبر، وبعد أن ينهي التمتمات يخبر السائق بأن يشغل السيارة وما إن يضع المفتاح حتى تعود السيارة للعمل من جديد فينهبر السائق ويسأل الشيخ حقّه، فيرد الشيخ اذهب يا ولدي إنّها عين قوية والحمد لله اللي خطات راسك …وجات في الحديدة
2. تاريخ العلم مع المسلمين:
لقد كان للمسلين الدور الفاعل في تطور الطب في تاريخ البشرية، فقد كانوا من الأوائل الذين توصلوا للمنهج العلمي وتطبيقه في المادة الحية بعد أن علموا أن لهذا الجسم نظام دقيق وأي خلل في هذا النظام ينتج عنه أعراض معينة تشير لمرض معين ولمع منهم أسماه كان لها الأثر مما توصلنا إليه في الطب الحديث …
كان من أشهرهم أبو بكر الرازي الذي يعتبر جالينوس العرب لما قدمه من إنجازات في الطب ويعتبر أول من أرجع سبب الإصابة ببعض الأمراض إلى أسباب وراثية وكانت له مؤلفات وكتب كثيرة عن ملاحظاته للأمراض والأعراض، وابن سينا الذي أخرج كتاب القانون في الطب وهو الكتاب الذي ظلّ يدرس في الجامعات الأوروبية حتى أواخر القرن التاسع عشر مما يحتويه على أمراض اكتشفها ابن سينا وأعراضها وعلاجاتها في القرن العاشر للميلاد …
وابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وابن الهيثم الذي كان أول من وضع أسّس علم البصريات وتشريح وفيزيولوجيا العين والبصر…
شاع الطب في بلاد المسلمين مما كان يقدمه من اعتناء بالمرضى وبناء المستشفيات والاهتمام الكبير الذي وجهه الحكام للعلم والطب ونبذ الخرافات فقد كانت المستشفيات مراكز بحث طبية وكانت تصدر مؤلفات وكتب لها تتناول أهم الاكتشافات والأمراض… وأثناء تلك الحقبة من الزمن كانت أوروبا تغوص في الظلام من الحروب والنزاعات والجهل والتجهيل والغريب أنّ حينها كان لهم منظور آخر للمرض في حكم الكنيسة بحيث كانوا يرون أنّ المرض عقاب من الله والمريض لا يجب معالجته ويترك لمواجهة قدره وكان السبب الوحيد للأمراض هي الأرواح الشريرة والشعوذات ….
لم تمض عدة قرون حتى بدأ الأوروبيون في ترجمة الكتابات الإسلامية والبحث وأصبحت المؤسسات العلمية أموال طائلة لاكتشاف الأسباب الفعلية للأمراض وعلاجاتها ووضعت قوانين ومناهج للتفكير الصحيح والبحث العلمي بينما عدنا نحن للأرواح الشريرة وصرنا نربط كل ما نجهله بالجن والعين والسحر والشعوذة ونصرف أموال طائلة في فك السحر وإخراج الجن بدل البحث عن الأسباب الفعلية لأمراضنا …
3. تعلّم التفكير النقدي
إنّ تنبيه عداد الحرارة في السيارة يعني أنّ هناك عطل في المحرك ولا يعني أنّ الجن بقلوس قد ترك المارسيدس ليلبس سيارتك الخردة وأنّ التصرفات الغريبة لزوجتك يعني أنّها تبحث عن الاهتمام وعن حقوقها ولا يعني أنّ جن حمروس قد ترك انجيلينا جولي كي يلبس زوجتك وأنّ فشلك في الحياة كان بسبب عدم أخذك للأسباب وليس صاحب العين ترك بيل غايتس وغيره كي يعينك.
وما نراه يحدث أمامنا من خرافات وخزعبلات يتم الترويج لها وبثها من قنوات تبحث عن نسب مشاهدة عالية مدعومة بمؤسسات هدفها الوحيد أن ينشغل الناس ويخافوا من الأرواح الشريرة كي يحكموا السيطرة عليه كما يفعل الآباء لمنع أبنائهم من الخروج ليلا خوفا من الغول …
عندما تختلط العادات والخرافات والجهل يظهر اللامنطق وربط الكل شيء باللاشيء فتصبح قصص الأجداد وخرافاتهم آياتا ويصبح العلم والحقيقة كفرا وإلحادا لا لاله الكون وإنما لحكم وسيطرة رجال الدين ولاهوتهم …