Table of Contents
ماهو الفيمينيزم أو الحركة النسوية؟ ما تاريخه وكيف نشأ؟ وما رائديه؟ وماهي مطالبه؟
1. قصّة
في عشاء رومنسي يأخذ أوباما زوجته الذكيّة ميشيل إلى مطعم فخم كي يتخلص من ضغوط العملويخصص وقت للعائلة، وأثناء استمتاعهم بالوجبة الفاخرة يستأذن أحد الحرس أنّ شخصا يطلب مقابلة زوجة الرئيس وأخبرهم باسم الشخص، فتفاجأت ميشيل ووافقت…
بعد دقائق قليلة عادت ميشيل فسألها أوباما عن الشخص فقالت له أنّه كانحبيبها في فترة المراهقة، فتبسم أوباما بثقة وقال لها لو بقيت حبيبته لما كنتجالسة في هذا المطعم الفاخر الآن، فردت عليه ميشيل لو بقيت حبيبته لأصبح رئيساللجمهورية …
صراحة أخرسني ردّها، أظن أنّ أوباما قضى كل الأمسية يبحث عن كلمات يرد بهااعتباره عوض عن التفكير في قضايا العالم وأعتقد أنّه فضّل السكوت بعدها لأنّه ذكيأيضا ولن يدخل في معركة خاسرة …
يقولون وراء كل رجل عظيم امرأة، والجميع يعلم الدور الذي لعبته ميشيل كي يصبح أوباما رئيس للجمهورية فقد درست الحقوق في جامعة هارفارد وكانت هي الدعامةالرئيسية التي بنت خطة أوباما للترشح بل كانت هي من شجعته للدخول في السياسة…
لكن مادام ميشيل استطاعت أن تدعم أوباما وتوصله إلى الحكم، لما لمتترشح هي للرئاسيات؟! لماذا بقيت في الظل ؟؟ ما هو أصل عبارة وراء كل رجل عظيم امرأة، وكيف توزعت الأدوار كي يصبح مكان المرأة البيت والشؤون الداخلية والسند للرجل بينمايتكفل الرجل بالعمل والأمور الخارجية؟؟ وكيف وصلنا إلى الحركة النسوية الآن؟
2. كيف بدأ الذكر والأنثى؟
هذا ما قاله الدكتور مصطفى محمود في كتابه لغز الحياة، فبعد أن نشأت الحياة من خلية واحدة تتكاثر بالانقسام طورت هذه الخلية وسائل كي تضمن بقاءها وتحمي نفسها من الطفرات بخلق ازدواجية أو باب به قفل يحتاج مفتاح كي يعطي حياة جديدة، وكان المفتاح هو الذكر أي المعطي للصفة والقفل هو الأنثى أي المستقبل للصفة، وباتحادهما تعطي فرد جديد في الحياة، لكن وبهذه الآلية وبعد أن يحصل الاتحاد ويولد فرد جديد لن نحتاج الأبوين ولهذا كان لزاما أن نتخلص منهم كي نعطي فرصة للجيل الشاب…
الصراع على البقاء، هذا ما أراده الانسان الأول مع التحديات التيواجهته من نقص الموارد والحيوانات الشرسة والظروف الطبيعية القاسية، لهذا كان علينا التأقلم في ظل هذه الظروف وابتكار آليات تساعدنا على البقاء، ولأنّ الرجل كان
يملك بنية جسمية قوية تساعده على الجري بسرعة وتسلق الجبال للصيد وكذلك الحرث واستعمال الأدوات الثقيلة اهتم بجلب الغذاء والحماية بينما تتكفل النساء بإنجاب وتربية الأولاد والاعتناء بهم بسبب بنيتها الضعيفة مقارنة بالرجل والصعوبات الفيزيولوجية التي تواجهها من الدورة الشهرية والحمل والارضاع، وهكذا تأقلمت أجسامنا وتطورت لتساعدنا ويكمل الذكر والأنثى دورهما في البقاء…
بعد أن حققنا الاستقرار الغذائي،بنيت المجتمعات الانسانية على ضفاف الأنهار لممارسة الزراعة وتكفل الرجل بالحرث والمهن الشاقة وحماية المنطقة بينما جلست النساء في الأكواخ للاعتناء بالأبناء وتربيتهم، ونشأت صراعات
بين بني البشر لاحتلال المناطق الثرية بالموارد والقريبة من المياه، كان الرجال هم المعنيون بالحرب للدفاع عن الأرض والعائلة وأيضا البحث عن التزاوج لضمان بقاء جيناتهم، فالجنس والغذاء كانا الغاية الأولى لهذه الحروب،تفوز بها الذكور الأقوى والأذكى ويتزعمهم الذكر الأكثر قوة، ومن هنايحصل الانجذاب بين الذكر والأنثى… فالذكر ينجذب للأنثى الجميلة لأن هذا دليل على سلامة جيناتها والتي تمتلك صدر كبير لإرضاع الأولاد بينما تنجذب الأنثى للذكر القوي ومفتول العضلات كي يستطيع حمايتها وابنائها وما يبدو لك يا صديقي من انجذاب للأنثى لصاحبي السيارات الفاخرة عوض العضلات هو لنفس المبدأ الذي تبحث به المرأة عن الأمان وضمان مستقبلها ومستقبل أبنائها بينما لم يتطور الرجل وبقي له نفس الانجذاب…
3. المفهوم التقليدي للزواج
ظهر الزواج بعدها كالتزام للعائلة وتنظيم للمجتمع وكانت غايته الأولى والرئيسية “البقاء” واختلفت مبادئه من مجتمع لآخر حسب الظروف البيئية فبعض القبائل كانت تتزوج فيهم المرأة عدة رجال بسبب نقص النساء والظروف الطبيعية القاسية وبهذا تضمن لأبنائها الحماية بينما في مجتمعات أخرى كان الرجل يتزوج عدة نساء كي يتزايد عدد القبيلة…
كما ساهمت الديانات والفلسفات في تنظيم المجتمع الانساني واعطاء طابع مقدس للزواج والعائلة وبقي الرجل هو الذي يقود العائلة والقبيلة بينما اكتفت المرأة بالبيت وقد دعمت الديانات والفلسفات هذه النظرة وبني المجتمع الانساني على هذه الأسس …
لكن استغل الرجل بنيته الجسمية القوية كذكر وهيمنته لفرض سيطرته الكاملة على المرأة وعوض أن تصبح المرأة انسان أصبحت أداة ووسيلة لدى الرجل لإشباعشهواته الغريزية وعوملت المرأة على أنها مكافأة في الحروب وسلبت منها حريتها وإرادتها وذابت إرادتها بإرادة الرجل، وأصبح الرجل يعدّ ويربي المرأة للرجل وفرضت على المرأة عادات وتقاليد ونظرة يجب الحفاظ عليها كالتقيد بمعايير للجمال والأخلاق والانخضاع جعلتها تصدق أنها وسيلة وأداة في يد الرجل، حيث تغزل الشعراء والمغنين بالشفاه والعينين والشعر والجسم المنحوت مما جعل المرأة تحصر غايتها ورغبتها وحياتها في المرآة وويل للمرأة القبيحة بمعايير المجتمع التي تدعم شهوة الرجل وغرائزه …
4. تاريخ الحركة النسوية ومطالبها
وفي ظل هذه الظروف التي استمرت على طول تاريخ البشرية ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر حركة تدعو لحق المرأة فيالتعليم والانتخاب في القرن الماضي فيما اشتهر بما يسمى “بالفيمينزم” أو الحركة النسوية وانقسمت هذه الحركة إلى ثلاث موجات في مطلع القرن الماضي، الموجة الأولى انطلقت في الولايات المتحدة الامريكية وبحثت عن حق المرأة في التعليم والانتخاب والمساواة السياسية بين المرأة والرجل وانتهت سنة 1919، وبدأت الموجة الثانية للحركة النسوية مع بدايات الستينات وسعت إلى تعميم المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وحق المرأة في أموالها وممتلكاتها وكانت رائدتها الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار التي عارضت فكرة عالم النفس الشهير سيغموند فرويد الذي آمن أنّ البيولوجيا هي التي تحدد مصير الذكر والأنثى وتصرفاتهم وذهبت إلى أنّ الانسان لا يولد امرأة، بل يصبح كذلك، لم تلاق الموجة الثانية انتشارا واسعا وانفجرت الموجة الثالثة سنة 1990 كرد فعل على عدم نجاح الموجة الثانية، أضافت لها عدة مطالب وطالبت بالتحرير الكلي للمرأة وحقها في الحرية الجنسية والحمل واللباس والمساواة الكلية بين المرأة والرجل في كل المجالات …
لاقت هذه الموجات للحركة النسوية تأثير واسع على مستوى العالم واستطاعت أن تغير النظرة التقليدية للذكر والانثى وساهمت الميديا بشكل كبير في التأثير على صورة المجتمعات للمرأة، فبعد أن كانت ساندريلا وفلة وسالي وريمي وبياض الثلج والأميرة النائمة بطلات لقصص تروج صورة الرقة والأنوثة والضعف للمرأة، صورة الأميرة التي تنتظر الأمير الذي ينقذها ويحررها من الشر في العالم ويصبح بطلها الذي يحميها بينما هي تصبح الأم الحنون والزوجة الطيبة المطيعة التي تسعد زوجها وتسانده…تغيّرت الصورة وتغير معها تعريف الأنوثة وظهرت صور المرأة التي تحمل العضلات وتدافع عن نفسها كبطلة خارقة في المسلسلات الكرتونية والأفلام كووندر وومن بل وأصبحت هي التي تدافع عن الرجل وتحميه وانقلبت الموازين في نوع من الأنيميات الياباني الذي يصور الفتى على أنّه ضعيف ورقيق وأنثوي بينما تمتلك الفتيات قوى خارقة ويتنافسن على الحصول على انتباهه، ونشرت مجلات الصحف صور المرأة التي تستطيع القيام بالأمور التي كنا نظن أنّ الرجل فقط يستطيع القيام بها تحت عنوان “يمكننا القيام بها” مما ساهم بشكل كبير في نقل صورة استقلالية المرأة والتشهير للحركة النسوية.
وقد أثبتت المرأة جدارتها في كل المجالات واستطاعت أن تنافس الرجل في المجالات التي كان يبرع فيها وعوضت الآلات على المرأة قوة الرجل وتثبت آخر الاحصائيات في الولايات المتحدة تفوق عدد الفتيات في الجامعات وحتى في مجتمعنا نلاحظ تزايد كبير بدرجة ملحوظة في العقود الأخيرة في عدد الفتيات في الجامعات مقارنة بعدد الفتية والتي يمكن تسميتها بالثورة بحيث يمكن التنبؤ أنّ القطاعات مثل المستشفيات والمدارس والمؤسسات الادارية ستحتكرها فقط النساء بسبب عدم التفوق الدراسي للفتية وتوجههم للحرف ….
لكن رغم الحقوق المشروعة التي سعت لها الحركة النسوية ضد الجرائم التي ترتكب ضدالنساء على مستوى العالم، وجهت انتقادات عديدة خاصة للموجة الأخيرة والتي اتهمت من البعض بأنّها تجمع النساء لأهداف وغايات سياسية والمبالغة في المطالب التي تدعو الى المساواة، فماذا بعد أن تحصل المرأة على حقوقها؟؟
5. ماذا لو لم تصبح المرأة أنثى بعد الآن؟
كان الفيزيائي والمفكر نيكولا تيسلا من الأوائل الذين تخوفوا من التغييرات التي دعت إليها النساء، وإذا لم تكن تعرف تيسلا فأينشتاين عندما سئل عن شعوره وهو أذكى شخص في هذا العصر قال لهم اسألوا تيسلا، تيسلا الذي يرجع له الفضل في كل التكنولوجيا التي نستعملها والذي استطاع التنبؤ بالتلفاز والهواتف النقالة والانترنت قبل عقود منتواجدها في حوار له مع مجلة سنة 1926 صرح فيها
وتنبأ تيسلا في نهايةقوله بأن الانسانية ستصل إلى مرحلة تصبح فيها المرأة هي المهيمنة وشبه وضع المجتمعبوضع ملكة النحل حيث تكون الملكة هي المهيمنة ونحلات العاملات تقوم بكل الأدوار والذكر مهمته التلقيح فقط …
يرى البعض أنّ نبوءات تيسلا بدأت في الظهور فالبنية التقليدية للمجتمعبدأت تتهدم بعد أن علمت المرأة أنّ حريتها من هذه النظرة هي بتحررها اقتصاديا لكن ماذا بعد تحررها اقتصاديا؟؟
كان من أبرز النقد الذي وجه للحركة النسوية أو الفيمينزم هو الدعوة للمساواة الكلية بين الرجل والمرأة لكن هل فعلا الرجل والمرأة متشابهين؟؟ ماذا عن الاختلافات الجسمية والفيزيولوجية التي دعت لتطور كليهما ليخدم غاية معينة لبقائنا؟؟ ألا يمكن أن تكونهذه الدعوة هي رؤية دونية للمرأة نفسها من خلال بحثها أن تكون مساوية للرجل؟؟ ألا يمكن أن تكون المرأة هي الضحية الأولى بعد أن تدخل في مجالات قد تطور الرجل وتأقلمكي يتقنها؟؟
فبعد أن كانت مهمة الرجل هي الحماية وجلب القوت بينما تتكفل المرأة بعناية الأبناء والحمل، ماذا سيصبح دور الذكر فيالمجتمع الانساني بعد أن تصبح الانثى هي المهيمنة أو بالأحرى ما لحاجة اليه؟؟ هل سنصبح مثل العناكب أين يلقح الذكر الأرملة السوداء ثم يصبح وجبة دسمة لها، فما حاجتها له فهي تستطيع توفير الطعام والحماية لأبنائها، أم مثل مجتمع الضباع حيث الأنثى هي التي تمتلك بنية قوية ويتدلى رحمها بشكل مشابه لعضو الذكر بحيث يصعب على غير الخبير التفريق بين ذكر وأنثى الضباع، ويحتل ذكر الضباع المرتبة الدنيا في المجموعة وينتهي به الأمر هزيلا بسبب عدم حصوله على الغذاء أو ميتا بالجوع…
لكننا وإذا فكرنا في الخيال العلمي ومع التطرف الذي وصلت إليه بعض الحركات والشذوذ الذي يمس المجتمع الإنساني، يمكن للنساء التخلي عن الرجل كليا بعد أن يحفظوا النطاف فقط ومع التطور الذي وصلنا يمكنهن الحفاظ على بقائهن من خلال التخصيب الاصطناعي ولا حاجة لهن لوجع الرأس بعد الآن هذا مع تنبؤ العلماء أنّ الكرومزوم الخاص بالرجل Y سيؤول للانقراض بعد بضع ملايين من السنين …
6. خلاصة
بعيدا عن الخيال العلمي والخطر الذي ستشكله النساء على الرجال ورغم أنّ أغلب الحقوق التي بحثت عنها المرأة مشروعة في رفضها للاضطهاد وبحثها عن العدالة الاجتماعية لكن مبالغة المرأة في الحرية المطلقة ودعوتها للمساواة بينها وبين الرجل هو تعد لأهم القيمالتي بنيت عليها الحضارة الانسانية وهدم للهرم الاجتماعي الأخلاقي الذي تطورت على أساسه البشرية، يقول المفكر الاسلامي مصطفى محمود
إنّ الاهتمام الذي يصبه المجتمع على النجاح الخارجي والنجاح الاقتصادي والتهميش الذينعانيه للقيم والجمال جعلت المرأة تفقد قيمتها وتبحث عنها في منافسة الرجل فيالخارج كما يقول الحكيم سادغورو