ماهو الاكتئاب؟ كيف تعرف أنك مكتئب؟! اختبار الاكتئاب

1. المرض الاخطر

أظنك قد عشت كفاية لترى أخطر الأمراض وأفتكها على جسم الانسان، هذا الجسم الذي يمثل أغلى ما نملك ويمثل الخط الفاصل بين حياتنا والموت، وأي تلف في أحد أجزائه قد يعني بشكل أو بآخر رخصة خروجك من هذه اللعبة. 

ربما قد سمعت أو شاهدت يوما مرض الكزاز هذا المرض الخطير الذي يؤدي إلى تشنجات قوية ومؤلمة جدا في عضلات الجسم ومصيره قد يكون الموت المحتم، أو داء الكلبة الذي يتسلل فيروسه عبر أعصابك ببطء ليصل لدماغك ويتحكم بخلاياه ويحولك كلبا تعمل لصالحه، أو داء الكوليرا هذه البكتيريا التي تصيبك بإسهال حاد يؤدي إلى فقدانك لأغلب السوائل في جسمك وبالتالي تصاب بجفاف حاد ومنه الموت، أو أمراض السرطان بأنواعها التي تتمرد على نظام جسمك وتنقلب عليه لتحاول خلق نظام لوحدها يغزو باق الأعضاء فيتحول جسمك من النظام إلى العشوائية ومنه إلى الموت …  

ورغم ما يبدو لك من خطورة الأمراض التي تعرفها إلا أنّ الأطباء يتخوفون أكثر من الأمراض الصامتة، التي تستطيع البقاء هادئة  تنخر الجسم وتستهلك قواه وأمنه دون أن يحددها جهاز مراقبتك أو أي شيء قد يدل عليها من ألم أو حمى حتى توصلك إلى حالة خطرة جدا وتظهر أعراضها حادة جدا وقد يتعذر على الأطباء بعدها التدخل لإنقاذك … 

لكن رغبة الانسان في العيش قد تكون أقوى من أي شيء فكثيرا ما سمعنا عن أناس عادوا إلى الحياة بعد أن كانت تفصلهم خطوة وحيدة عن الموت، أناس تشبثوا بالحياة لآخر نفس لهم وقدر لهم أن يعيشوا سنوات أخرى رغم فتك وخطورة الأمراض التي اصابتهم، تلك الرغبة الجامحة في العيش لم تجعلنا فقط نجابه الموت ونتحداه ونطور الطب ونسخر أحدث التكنولوجيا لكشف الأمراض ومعالجتها وترويضها لا بل نصنع الحضارة بكل معاييرها، جعلتنا نصعد للفضاء ونغوص في أعماق المحيطات ونتحدى الطبيعة وجبروتها ونبتكر وسائل لتسهل عيشنا، جعلتنا نستغل ونهدد باق الكائنات بل وحتى نقاتل ونقتل بعضنا رغبة في العيش… 

تخيل معي مرضا يستطيع  النمو ببطء والاختباء حيث لا يظهر للمريض ويتعذر على الطبيب معرفته وقبل أن يهجم على جسمك يقتل كل رغبة لديك  في فعل أي شيء، ويتسلل إلى مناطق الحماس في دماغك ويسيطر عليها فيختفي ببطء أي حماس كنت تشعر به لأي نشاط أو هواية كنت تستمتع بها حتى يسيطر في النهاية على أفكارك ويغلق كل مداخل النور لديك ويجبرك على العيش في الظلام وفي النهاية يستسلم أقوى سلاح كان لديك في مجابهة الحياة وتعدم رغبتك في العيش وتربط حبل مشنقتك بيدك لتقتل نفسك بنفسك … 

نمر في حياتنا بالكثير من المآسي التي نشعر من خلالها بحزن شديد كوفاة وفقدان أحد أحبائنا أو الخيبة الشديدة التي تصيبنا بعد أن نخسر مشروع عملنا عليه بجد أو فشلنا بالاختبار أو خسارتنا علاقة مهمة استثمرنا فيها طويلا، جميعنا معرضون للخيبات والألم والحزن والشعور بالذنب والذل إنها جزء من تجربتنا للحياة بل جزء من الحياة نفسها والطبيعي أنه لا تدوم طويلا ونستعيد عافيتنا وشعورنا الطبيعي بعد أسبوعين أو أقل، لكن مع هذا المرض الخبيث تدوم هذه المشاعر السلبية طويلا لأشهر أو لسنوات… 

أظنك قد عرفت عما نتكلم؟ نعم  إنه الاكتئاب … 

2. ماهو الاكتئاب

تصنف منظمة الصحة العالمية الاكتئاب على أنه ثالث أكثر مرض يسبب إعاقة للإنسان ويقدر عدد المصابين به حول العالم ب300 مليون شخص ! هذا وتعتبر هذه الإحصائية غير دقيقة لعدم وجود أساليب فعالة لتشخيصه، يقول عالم الأعصاب الشهير من جامعة ستانفورد روبرت سابولسكي أن أخطر وأسوأ مرض قد يتعرض له الانسان في حياته ليس السرطان ولا الأمراض المعدية  بل هو الاكتئاب … 

بقي الاكتئاب رغم التطور الطبي مرض غامض ولم يوجد سببه الرئيسي بدقة بعد ويعرف على أنه خلل بيوكيميائي بحيث لا يمكن للشخص التعبير عن الامتنان في حياته ويعبر عنه بتغيرات في حالات المزاج والشعور بالحزن والخيبة لمدة تتجاوز الأسبوعين أو أكثر … 

تتعدد أسباب الاكتئاب التي تتلخص جميعا في نظام الحياة الغير صحي من ناحية النفسية والجسمية والاجتماعية والغذائية وحتى الروحانية بحيث يحدث خلل في تجديد الأعصاب ونقص حاد في الهرمونات التي تنقل العمل العصبي منها الدوبامين والايبينيفرين والسيروتونين هذه الهرمونات  التي توجد في المشابك العصبية ” تعرف المشابك العصبية بأنها المناطق التي تقع بين الخلايا العصبية والتي تسمح بمرور الرسائل العصبية بين العصبونات” يؤدي هذا النقص في الهرمونات إلى حزن شديد ونظرة سوداوية مظلمة للحياة وأفكار سلبية وتفسيرات مغلوطة تشل حياة الفرد وقد تودي به في المراحل المتاخرة إلى الانتحار …  

3. كيف تعرف أنك مريض بالاكتئاب ؟؟ 

إذا شعرت بأحد هذه الأعراض والتي تبدو عادية في نظر مجتمعنا لغياب الثقافة الطبية والنفسية لدى مجتمعاتنا العربية والتي يفسرونها بأنها تبلد وكسل وهروب من الواقع وحتى يفسرونها بأنها عين وسحر وعمل شياطين…هذه الأعراض تكمن في عدم قدرتك على الشعور بالمتعة بأي شيء كنت تستمتع به في السابق سواء هواية  أو رياضة، وشعورك الشديد بالحزن والذنب الذي يرتبط بأفعال قمت بها بالماضي ولا تستطيع نسيانها أفعال لا تبدو بذلك السوء لكنك تشعر بذنب قاتل لفعلها، وجلد الذات الذي تحاول فيه تحطيم نفسك ولومها وتعذيبها، وتحطيم  تقديرك الذاتي الذي تشعر من خلاله أنك أرذل وأسوء وأرخص انسان على وجه الأرض وأنك لا تستحق أي شيء جيد في الحياة ولا تستحق حتى العيش، وتبدأ هذه الأعراض بالزيادة في حدتها حتى تصبح جسمية وتظهر في النوم الزائد أو قلة النوم وزيادة الشهية أو فقدانها والشعور بالتعب الشديد عدم القدرة على فعل أي نشاط يومي هذه الحالة ستزيد شعورك سوءا وتدخل في دوامة سلبية توصلك في النهاية إلى التفكير في انهاء هذه المعاناة والانتحار … 

الاكتئاب ليس لحظة حزن عابرة تشجع بها صاحبها على التفاؤل ومواجهة الحياة ومصاعبها، ليس كسل تحقنه بالمصطلحات التحفيزية، وليس سحر او حسد تركض به الى الدجالين والوعاظ، وليس تعب عابر ترتاح منه وتاخذ فيتامينات بل هو مرض عقلي حاد وخطير يتطلب وعي ومعاملة خاصة لاصحابه ودعم للخروج من حالته … 

فماهي الأسباب التي تجعلنا نقع في الاكتئاب؟؟ وهل يمكن علاجه ؟؟ وماهي آخر الدراسات التي أجريت عليه وعلاجاته ؟؟  

يمثل الجدول أدناه اختبار بيرن للاكتئاب قمت بترجمته من كتاب دايفيد بيرن “Feeling Good” الكتاب الذي ساعد الملايين على فهم مشاعرهم باستخدام العلاجي الذاتي بالعلاج السلوكي المعرفي، والخروج من القلق والاكتئاب …

4. اختبار بيرن للاكتئاب

يمثل الجدول 15
عرض من الاكتئاب، ضع علامة (+) للمقدار الذي ترى أنه يوافق الشعور أو العرض الذي
كنت تمر به الأيام الماضية، احرص على اجابة كل الاسئلة، اذا شعرت أنك غير متأكد من
الاجابة حاول تخمين أيها الأقرب لحالتك…

**
أي شخص لديه أفكار انتحارية يجب عليه الاتصال بمختص نفسي.

بعد أن تنهي الاختبار قم بجمع النقاط المقدرة لكل شعور، ستكون النتيجة بين 0 اذا أجبت على كل الاسئلة ب “لم أشعر بها اطلاقا” و45 اذا أجبت ب” كثيرا”.

 قم بمقارنة المجموع لهذا الجدول:

تكمن خطورة الاكتئاب في اكتشافه سيحدد هذا الاختباراذا كنت مصاب أم لا بالاكتئاب ودرجته لديك، بعد أن تتأكد من نتيجة يمكنك على أساسها ما اذا كان يجب عليك زيارة مختص للبدء في العلاج أم لا …

ترجمة جقليل عادل.