Table of Contents
هل تساءلت يوما ماذا يعني أن تحب شخصا ما؟؟ ماهو فن الحب؟؟
1. قصّة
لقد فاجأت قصة توريا ومايكل وسائل التواصل والميديا في العالم حول زواجهما، مايكل كان رجل شرطة وفي علاقة مع توريا التي تميزت بجمالها كونها كانت عارضة أزياء، وقبل أشهر من زواجهما شاركت توريا في ماراثون للجري واندلع حريق في الغابة التي جرى فيها السباق، فنجت بأعجوبة من الموت لكنها تعرضت لحروق شديدة شوهت 80% من جسمها، بقيت بعدها في المستشفى لستة أشهر وخضعت لعشرات العمليات الجراحية، لم يستطع الأطباء اخضاعها لعمليات تجميلية لأنّه سيزيد حالتها سوءا…
كان مايكل قد تعرّف عليها منذ سبع سنوات ونشأ بينهما انسجام كبير بعدها ووقعا في الحب فقررا الزواج إلى أن وقعت الحادثة استقال مايكل من عمله وجلس معها في المستشفى وقام بدعمها معنويا وأخبرها أنّ ذلك لن يغير شيئا في خطتهما في العيش مع بعض وأنّه اختارها لروحها وجوهرها وليس لشكلها وفعلا تزوجا بعد أن استعادت توريا عافيتها…
أثارت القصة جدلا كبيرا بين الناس وخاصة بعد عرضها في مجلة دايلي ميل البريطانية وقام الملايين حول العالم بدعم مايكل والثناء عليه وعلى وفائه وتحليه بالحب، فيما انتقد البعض هذا وقالوا أنّه كان يبحث عن الشهرة خاصة وأنّ الموضوع قد شكّل صدى كبير في الاعلام …
2. الحب الرومانسي
لكن دعنا يا صديقي نرى القصة من منظور الحب الرومانسي الذي تحدثنا عنه سابقا في مقالات أين يحدث الانجذاب الجنسي بين الرجل والمرأة وتتدفق المشاعر بقوة وتكون مجذوبا كالمغناطيس للشخص الآخر يتحول الشخص إلى صورة في دماغك يدمن عليها ويفرز من خلالها الدوبامين … لكن هل هذا هو فن الحب حقاا؟!!
أظن أننا جميعا نتفق أنّ الحب يجعلك سعيدا وفي أقوى المشاعر الايجابية ويكون مصدر هذه السعادة هو من سميته توأم روحك لكن ماذا لو توقف هذا الشخص على إعطائك هذه المشاعر هل ستبقى تحبه؟!!! ماذا لو توقف عن اسعادك وطاعتك والتقيد لشروطك هل ستحبه بعدها؟؟
وإذا كنت مدفوعا بقوة المشاعر إلى ذلك الشخص ماذا لو استيقظت صباحا واختفت كل تلك المشاعر هل ستبقى معه؟!! ومادام أنت مدفوع بهذه المشاعر أين أنت من هذا؟!! أين إرادتك من هذا؟!! أم أنّ كل تلك العواصف التي حدثت لك كانت غرائزك الحيوانية قد استعادت السيطرة عليك كي تساهم في بقاء الجنس البشري وتنقذه من الانقراض وأوهمتك أنّك وجدت الحب في حياتك، غرائزك كانت تدفعك بقوة وتعميك كي تحافظ على جيناتك وتختار الشخص الذي يوافق بقاء جيناتك وليس من يوافق بقاء روحك وفكرك وعقلك!!!
ومادام ستبقى مع هذا الشخص لأنّ مشاعرك قوية اتجاهه هل تحب هذا الشخص فعلا أم أنّك تحب المشاعر التي يوفرها لك؟؟!!! تحب الصورة التي تغذيك بالدوبامين وإلّا مالذي يفّسر غيرتك وتملكك وغضبك وحتى حقدك وخوفك من خسارة الشخص، هل سألت نفسك يوما لماذا تغار ؟؟؟ إنّك تغار للأسف يا صديقي لأنّك أناني، لأنّك كنت ترى الشخص الآخر وسيلة فقط، أنت لم تكن تحبه لقد كنت تستغله، ليخضع لك ستحاول أن تطوّعه وتحصره وتحاصره بك، كي يبقى لك فقط وستقيد حريته حتى في حياته العادية كي يتماشى مع مبادئك وقواعدك ولأنه لا يوجد شخص يستطيع أن يحقق كل متطلبات ورغبات وشهوات الآخر أو على الأقل من لديه شخصية ستغضب وتغار وتحقد عليه لا لشيء إلّا لأنّه أراد أن يكون نفسه وأن يكون حرا…
وكل ادعاءاتك وحتى محاولاتك في اثبات الحب كانت زيف فقط وكل ما تصوره المسلسلات والأفلام والروايات عمّن يقتل نفسه من أجل حبيبه كان وهما وكان تعلقا وقمة في الأنانية …حقااا !!! ساخبرك لماذا؟!…
إنّ إدمانك على الشخص هو الذي جعلك تضحي بحياتك أو حتى تنتحر عند غيابه أو موته وليس الشخص نفسه … أعراض الانسحاب التي شعرت بها والتي لم ترد مواجهتها وكل ذلك الظلام والألم والاكتئاب والمعاناة هي التي جعلتك تنتحر، أنت لم تخسر الأكسجين عند وفاة الشخص، لماذا يحدث كل هذا لك؟؟!!
لأنك كنت تتخذه درع لمواجهة الواقع كان هو الهيروين الذي تتعاطاه كي تبقى سعيدا، للأسف يا صديقي لقد كنت كائن طفيلي تتغذى على المشاعر التي يحن ويشفق عليك الآخرين بها وما إن يتوقف أحد على تغذيتك تنتقل لآخر وتعيش في دائرة مفرغة بين مشاعر ملخبطة وعلاقات محطمة …
يقول إيكارت تولي في كتابه قوة الآن
” كما هي الحال مع أشكال الادمان الأخرى تعيش في النعيم عندما تتوفر لك المخدرات. وعندما تفتقر إلى المخدرات تعود المشاعر المؤلمة وتعتريك أكثر من ذي قبل والأسوأ من ذلك أنّك تدرك أنّ شريكك هو سبب تلك المشاعر ويعني ذلك أنّك ترمي التهم على الآخر بكل عنف الذي هو جزء من ألمك أنت فقط…”
إيكارت تول
3. فن الحب
إنّ الحب الحقيقي يكمن في قدرتك على اعطاء الأشخاص الآخرين الحرية والمساحة كي يكونوا أنفسهم، كي تراهم على حقيقتهم حتى ولو خالف ذلك ما تريده، ولن تستطيع اعطاء الحرية لمن تحب الّا إذا تخلصت من الحاجة والرغبة في استغلاله كي يعطيك مشاعر جيدة، إلا إذا تخلصت من كل الالم والمعاناة وتحملت أنت مسؤوليته الكاملة حينها ستحقق اكتفاءك الذاتي وتدخل العلاقة بنية العطاء وليس بنية الأخذ وستتشاركان مع بعض ليس لأنّ أحدكما في حاجة للآخر ولكن لأنّ كلاكما اختار عن وعي وعن اكتفاء أن يعيش مع الآخر …
وأخيرا برأيي كان قرار مايكل صعبا جدا، صعبا لدرجة أنّه يتطلب شجاعة كبيرة أن يتخذه رغم الدعم الذي حصل عليه من الميديا والاعلام وأنه اتخذ قرار ينم عن فهم عميق لمعنى الحب … حيث تختفي كل المغريات والشهوات والرغبات الحيوانية ويبقى شيء وحيد “الالتزام” … لهذا من أفضل النصائح التي وجدتها في هذا المجال واكثرها عمقا … “صديقي أين تجد غريزتك تدفعك نحو شخص فطريقك واتجاهك الحقيقي عكس ذلك” …
اذا كان لديك آراء وخبرات فسعيد جدا ان شاركتها معنا واذا كان لديك سؤال ايضا كي نتناقش …
تمنياتي ورجائي لك صديقي بتذوق معنى الحب وايجاده مع كل مخلوقات الله …
Comments 1