كيف ينشأ صوتك الداخلي؟!

هل تساءلت يوما من أين ينشأ الصوت الداخلي؟

الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات هناك صوت ينشأ داخلك يحاكي هذه الكلمات، يستقبله دماغك ويقوم بقراءته وإعطائه معاني كي تستطيع فهم هذه السطور، وإذا كنت تعرفني على المستوى الشخصي وسمعت صوتي الجميل ففي الغالب أن تتقرأ الآن بصوتي على أساس أنني أتكلم معك في الواقع وأما إذا لم تكن تعرفني يبدأ دماغك في تحليل هذه الكلمات ويأخذ لمحةعلى صورة البروفايل ويحاول الربط ومعرفة شخصيتي ويطابق ذلك مع صوت معين يقترحه عليك على أنّها صوتي (لكن صدقني إنه يكذب…) يعني الآن أنني حرفيا أتكلم بداخلك وداخل رأسك (يبدو المنظر جميلا من عندك) …

ولأنني الآن داخلك دعني أعبث قليلا بأفكارك وأسألك من أين ينشأ هذا الصوت الذي أكلمك به من داخلك؟؟ ومن أين ينشأ الصوت الذي تكلم به نفسك؟!

في بدايات القرن الماضي اقترح عالم النفس السوفياتي “ليف فيقوتسكي” “أننا نطور الصوت الداخلي لأننا عندما نبدأ في تعلم الكلام تكون أفكارنا وحديثنا “لغتنا” غير مرتبطة ومتطابقة وأنّنا نبدأ في الحديث مع أنفسنا في بداية السن الثالثة للطفولة كي نستطيع ربط أفكارنا مع الحديث الخارجي” يعني لأنّه لم تكن لدينا أي وسيلة كي نستطيع اعطاء أفكارنا لغة نعبر بها عن أنفسنا، بدأنا في التمرن وكنا نحن المتكلمين والسامعين في نفس الوقت…

بعدها تطورت الدراسات ووجه علماء الأعصاب تركيزهم على فهم الصوت الداخلي حيث نشرت سنة 2017 مجلة
Neurosciencenews مقالا توضح التفسير العلمي كيف نسمع هذا الصوت مع أنّ أذننا لا تلتقطه واقترحوا أنّك تسمع هذا الصوت فقط لأنك تتوقعه، يعني دماغك يضع “سيناريو” كلام كي يرسله لأحبالك الصوتية ثم يتوقع كيف سيخرج هذا الصوت من فمك ويعطيك إياه على شكل صوت مسموع وهذا يفسر على حد قولهم كيف يمكن أن يخدعنا الناس فيما لا يمكن أن نخدع أنفسنا، هذا ببساطة شديدة….

كل ما عرضته الآن من بحوث تعطي التفسير للصوت كيف ينشأ لكنها لم تجيب على السؤال من أين ينشأ هذا الصوت؟؟ يقترح الماديون أنّ هذا الصوت هو مجرد تفاعلات كيميائية داخل دماغك تحولت إلى رسائل كهربائية استقبلها الجزء المسؤول عن السمع على أنها صوت، لكن إذا كانت مجرد تفاعلات كيف نشأت هذه التفاعلات؟؟ من أعطاها الأمر؟؟ وحتى عندما تنشأ كيف نسمعها ونعي أننا نسمعها؟؟ أم أنها أيضا تفاعلات كيميائية تسمع تفاعلات كيميائية أخرى؟؟!!!

ألا تطرح الأمراض مثل الشيزوفرينيا والهلوسة السمعية والبصرية أننا ربما كيانات مستقلة خلف هذا الجسد المادي؟! وأن هذا الجسد مع الدماغ هو مجرد حاسوب بيولوجي نتحكم به عن بعد؟؟ وأن حقيقتنا هي منفصلة عن جانب المحسوسات واللغة والماديات أو هي الروح التي تشكلنا؟؟!!!!

أظن أنك يا صديقي قد فهمت الان مصدر المقولة الشعبية “أخرجلي من راسي” لذا ارجو تسمح لي الآن بالخروج… سلاام.